أنتِ جنُونِ الشِعرِ - زكريا منير

أَنتِ جُنونُ الشعرِ إذ نَزلا
ما قالَ قولاً مسددٌ إلا وفَعلا

أنتِ العشقُ المستهامِ الذي
ودَ أن يبدلُ الشغلِ بالكَسلا

أتعلمينَ حبٌ طرف خَيالهُ
إلى كوكبِ المريخ قد وصَلا!

تَعشقينَ والعينُ جِزءُ مجزئةَ
والقلبُ قد أطاحَ به الخملاَ

لهواكِ حسٌ ما قد عاب له
إلا شاربُ للخمرِ أدمنَ الثَملاَ

نظرتُ طرفٌ الهوى نقصُ تمامهِ
على أن الطرفَ الاخرِ مكتملا

أرادت النجوم غرور لكنها أبتْ
سرعانَ ما تلقتَ في المدى وبلاَ

والشمس التي قد أخفتُ تبسمها
ظناً القمر عنها حَسداً مانَقلا

تلتقي أرواحنا في الحلمِ وربما
لو ألتقتَ في النارِ لمْ تشتعلاَ

إن إليكِ جسمٌ لو أنَ كلُ أعضائهُ
تركتَ الهوى بالمفصل ِما خَلسا

ردَ فؤاديَ ما تنسمَ من الهوى
ثمُ إلى الثغرِ في الحالِ إحتبسا

ونبضي دون سائرِ الأيامُ تفرقعا
لو صار النبضُ في الرأس تلئلائا

عجيبٌ رمشُ الخيال لو أن لهُ
ركزٌ في الأصواتِ حقاً تخلخلا

وليِ جسدٌ والأفعالِ تقضي لهُ
إنَ قطعتيِ حبلَ الوصلِ تشللا

خلتُ الهوى يمضي دون ريشهِ
لكنَ جناحهٌ قبل الرحيل تبللا

قصرتُ عن أرجلِ الهوى قوامهُ
لكنَ مذْ مسكت اليدُ كعبي تطولا

في كل ثغرٍ إذا تراقصَ أنشودةً
تحسبُ من رقصهُ العروسُ مقتلا

هاهو البدر الضاحكِ يبدو ملثمُ
كما يبدو وجهكِ الفكاهي مُعدلا

وقلبي لو يتسابق إلى الظنِ قاصمٌ
لكنَ من أين وهيهات لهُ يتأولا

هاهوُ المجدُ الرفيعٌ متألقةُ نجومهُ
وقد أطاح بالمجدِ القديمِ الأولا

علميِ من علومٌ ما جمعها بشرُ
لكنَ الذي قد طالع النجومُ تقولا

قسما بالنجومِ ولو لاح القسمُ
لأتى كل وضيعٌ إلى البابِ تسللا

وقد راقَت لنا إلى العلياءِ عقولنا
بأعظم الأسرارِ دون الأنامِ تَفَرُدا

وحَسبُ المَرأُ أنْ يَصعدُ وحدهُ السماء
قبلَ أن يكونُ بالأرضِ ألف مَصرعا

كَسبت من العلياء شتى كنوزها
ولو أنكرتني طوعاً عليَ أن أركعا

وإن لي طرفٌ دون الأنامِ متقدٌ
لو شاهدَ النسرُ المنقضُ ما طلعا

ما تصنعَ إلى الجميلِ غيرُ عاطلٍ
يظنُ الجميلَ عن ستر القبيح أجملا

وفِعالٌ إلى العلياءِ دون الرضا
لا ينفع إذ سير القطارِ مُعطلا

لو رأيتُ بعينيِ مصرعُ الهوى
لصَيرْتُ نفسي عنْ النظرِ أحولا

ومن أين ُ والصدورِ لنا ضاربةً
والقلبُ في الوجدِ مترفُ مدللا

هواكِ والندى وريح ُالغزلُ الذي
لو قد سارَ في غير دربكِ تبدلا

ومهركِ إن قد بلغَ الوغى دونني
قبلُ الفارسِ الهمامُ خصمهُ جدلا

أنتِ السر الذي لا تدركهُ العقولُ
لو مسكوا طرفَ ردائهِ العقلُ تفَللا

رديني إلى ظل عرش الهوى فإنني
كلما طالعت تشابك النجوم لم أتلفتا

© 2024 - موقع الشعر