عذيري، من طوالع في عذاري، - أبي فراس الحمداني

1 – عذيري، من طوالع في عذاري،
ومن رد الشباب المستعار

2 – وثوب، كنت ألبسه، أنيق
أجرر ذيله، بين الجواري

3 – وما زادت على العشرين سني
فما عذر المشيب إلى عذاري؟

4 – وما استمتعت من داعي التصابي
إلى أن جاءني داعي الوقار

5 – أيا شيبي، ظلمت ويا شبابي
لقد جاورت، منك، بشر جار

6 – يرحل كل من يأوي إليه
ويختمها بترحيل الديار

7 – أمرت بقصه، وكففت عنه،
وقر على تحمله قراري

8 – وقلت الشيب أهون ما ألاقي
من الدنيا وأيسر ما أداري

9 – ولا يبقى رفيقي الفجر حتى
يضم إليه منبلج النهار

10 – وإني ما فجعت به لألقي
به ملقى العثار من الشعار

11 – وكم من زائر بالكره مني
كرهت فراقه بعد المزار

12 – متى أسلو بلا خل وصول
يوافقني، ولا قدح مدار ؟

13 – وكنت، إذا الهموم تناوبتني،
فزعت من الهموم إلى العقار

14 – أنخت، وصاحباي، بذى طلوح
طلائح، شفها وخد القفار

15 – ولا ماء سوى نطف الأداوي، ولا زاد سوى القنص المثار
16 – فلما لاح بعد الأين سلع،

ذكرت منازلي وعرفت داري
17 – ألم بنا، وجنح الليلا داج،

خيال زار وهنا من نوار
18 – أباخله، على، وأنت جار،

وواصلة على بعد الزار
19 – تلاعب بي، على هوج المطايا،

خلائق لا تقر على الصغار
20 - ونفس، دون مطلبها الثريا

وكف، دونها فيض البحار
21 – أرى نفسي تطالبني بأمر

قليل، دون غايته، اقتصاري
22 – وما يغنيك من همم طوال

إذا قرنت بأعمار قصار ؟
23 – ومعتكف على حلب بكي

يقوت عطاش امال غزار
24 – يقول لي : انتظر فرجاء ومن لي

بأن الموت ينتظر انتظاري ؟
25 – على، لكل هم، كل عيس

أمون الرحل موخدة القفار
26 – وخراج من الغمرات خرق

أبو شبلين، محمي الذمار
27 – شديد تجنب الآثام واف،

على علاته، عف الإزار
28 – فلا نزلت بي الجيران إن لم

أجاورها مجاورة البحار
29 – ولا صحبتني الفرسان إن لم

أصاحبها بمأمون الفرار
30 ولا خافتني الأملاك إن لم

أصبحها بملتف الغبار
31 – بجيش لا يحل بهم مغير

ورأى لا يغبهم مغار
32 – شددت على الحمامة كور رحل

بعيد حله، دون اليسار
33 – تحف به الأسنة، والعوالي،

ومضمرة المهاري، والمهاري
34 – يعدن، بعيد طول الصون، سعيا

لما كلفن من بعد المغار
35 – وتخفق حول الرايات حمرا،

وتتبعني الخضارم من نزار
36 – وإن طرقت بداهية وتاقت

تدافعها الرجال بكل جار
37 – عزيز، حيث خط السير رحلي،

تداريني الأنام ولا أداري
38 – وأهلي من أنخت إليه عيسى،

وداري حيث كنت من الديار
39 – فما أهل العداوة لي بأهل،

ولا دار المذلة لي بدار
© 2024 - موقع الشعر