التقَيّنا لِنَفتَرقَ !! قبَلَ الأَوان - سهر الراشد

السبت، 11 يناير، 2014
التقَيّنا لِنَفتَرقَ !! قبَلَ الأَوان
 
 
جلَس في آخر المقهى لِيتَوارى عن الجميع
كُل صباحٍ آراهُ هُناكَ
بِيدّه سِيجَارتَهُ الألمانِيةُ وبعض مِن ورق
وقلَم مُمُسك بِه بينَ شفتيِه
آُراقبهُ بِصمتّ مِن نافذة المقهى
صوتُ المطر لحن غَزليّ في مسمَعي
ورائِحة المطر ك رائِحة العِطرَ الفَرنسي الممَزُوج بِسيجارتهِ
زُجَاج نافذة المقهى إبتّلَ
وباتت ملامِحهُ لا تَظهر لي بِوضَوحً
........
صَوت طقطقةِ الكَعب فِتنةُ ُ تقود انظَار الجميع
إِلتفتَ بِصمتّ وهُدوء
اهدانِي نظرةُ ُ وابتِسامة
ثُم إرتّشف قهوتُه ونفذّ سِيجارتُه
يجَمعني به مكانُ ُ واحدَ ويُقربنا الصّمت اكثر
 
رائِحة القهوة
رائِحة عِطْرهُ
رائِحة انفَاس سِيجارتُه
 
بدأتُ أشتهيِها
أصبحتُ أكَثر هُدوء
واكثر ضَجيِجً في القلَب
 
إحتَظنتُ يديّ كَي لا أنثر حُروفي أمَامهُ فَلا أُعَري الكَلمَات مِن خَجلِها
أبعدّتُ عَينّيَا حَتى لا يَلمحَ لَمعةً فيِها فَينّكَشفُ أَمَري
 
أرمُقهَ بِطرفَ عَينِي لِيطّمئِن قَلبي فَقط
نَظَر إلىّ بِعَيناهُ النَاعِستَين الجَميلتَين
وهَو يَبتَسِم
وكَأنهُ يُجيبَ عَن تَساؤُلاتِي
فَأخَضعُ طَرفِي
وأرَتّشِف فِنجَان القَهوة لِأرسُم إبّتِسَامةً خَجِلة على ذَلك الكُوب بِأحَمر شّفَاتِي
وأتّحَسسَ ذلك الكُوب تَارةً والصّحنَ الدائِري تَارةً
مَمَا دهَانِي فَجْاءةً
.......
 
أُغَادر ذلك المقَهى مُسّرعةً ووقَع المَطَر مازال
طّقْ طّقْ طّقْ طّقْ
وأصّوات الرِيَاح تّلتفَ حَولِي وكَأنها تَحضُن خَوفِي وقَلقي
والضَبابُ الكَثيف يتصَاعد لِيجعلنّي فيِ العُتّمةُ
لِأجّدهُ مُمُسِكَ بِذراعي وقَد شدّني نَحوهُ
كَاسِر لِكُل الحُدود الخَجِلةُ بيَنَنا
وإذا بِشَعري الأسَود يُلامس خَدّهُ
ونَظراتُنا تّحضنُ بَعضها ..
ويَداهُ تُلامِس طَرفَ وجّهي
تَبعثَرة خُيوط الكَلام فَما عَاد بِإسّتِطاعَتِنا غَزل كِلمةُ ُ واحِده
حلت بينَنَا فَجوة صَمت اطَالت وقُوفنا
كُنا ننظر مِن خِلالهَا لِكلام الصّمت بِلمعة العين الفًاضِحة
وكانت هِي أجمَل وأصّدق الحَديث
قال لي: يا جَميلة أتسمَحِين لي بِأن أسِير مَعك
قلت : إلى أين ..
قال : إلى أي مكَان قلبَك ذاهِب
مشي بِجانِبي وكانت مشيتِي بطيئة جِداً على غير عَادتي
ولم أكُن أسير خَطواطٍ حتَى أتوقَف وكَأن القَلبَ مُتعبَ
ف قُلتُ بِصّوت خَانِق
 
 
 
أيُها .. الغَريبَ
لا أسَتطيعَ أن أُواصِل السَير
ولا أُريد أن أراكَ ثَانِيةً
سَامِحنَي ولكن هكَذا أفَضَل
أظْن أنّي أَحَببتُكَ او أُحبُكَ
ولا أُريد أنّ يَنْكَشِفَ الهَواء مُجَدّداً عَنّ قَلبِي
ولا أُريدهُ أنّ يَرى مَا رأَيتُه فِي هَذهِ الدُنيَا
فَيموتّ كَمَا مُتْ أنَا
لزِمتُ الصّمتَ وأنَا أرى تَساؤُلاتْ تَغرقُ عَيّنيِهِ
وصّوتُ صُراخٍ الْجَمهُ حَدِيثي
 
سْكَتَ لِلَحظَاتَ ثُم قَال :
كَما تَشَائِينَ
فَظّلَ يُراقِبَني حَتَى إِبّتعَدتُ كَثَيِراً
.......
ولِأني مازِلتُ تِلكَ الأُنثى التَي تَحتَفِظَ بِتلكَ الأشَياء الصْغِيرة
إحتفظتُ بِ رائِحة معّطفهُ
وبِ عود سِجارتهُ الفريِدة
ولِأني أُنثى تَحمِل منّ الوفَاء عَدّد طَقطَقةِ المَطَر فِي تِلكَ الليَلةِ
إِحتفظتُ بِزُجَاج نَافِذَة المَقهَى ..
والكَثيَر منّ الأَحَلامَ والتّخيُلات
وضِعفها الضّعفَ
إِنّتِظَار هِبةُ السَماء ..
فِي إحَدى صّبَاحَاتِي لِكُل يَومَ .
 
........
في 1:31:00 م
© 2024 - موقع الشعر