أنقذوني

لـ رافل خاشوق، ، في غير مُحدد

أنقذوني - رافل خاشوق

أَنْقِذُوْنِيْ
 
جَمَعُوْنِيْ
مِنْ مَكَبَّاتِ الزِّبَالَةِ
مِنْ تَخَارِيْمَ المغَاوِرِ
مِنْ سَرادِيْبِ المقَابِرِ
 
وَجَدُوْنِيْ مُهْمَلاً
لا حَوْلَ لِيْ
فَاسْتَثْمَرُوْنِيْ
زَرَعُوا فِيْ جَسَدِيْ
رُقَاقَةْ مَعْدَنِيَّةْ
وَفِيْ رَأسِيْ ثَقَافَةْ أَعْجَمِيَّةْ
أقْنَعُوْنِيْ
أَنَّنِيْ صِرْتُ قَوِيَّا
وَبِأنِّيْ
لمْ أَعُدْ أشعرُ بِالتَّعَاسَةِ
أشْعَرُوْنِيْ
غَيَّرُوا كُلَّ مَفَاهِيْمِيْ وَأفْكَارِيْ
" غَسَّلُوْنِيْ وَمَشَّطُوْنِيْ "
جَعَلُوْنِيْ سَائِحَاًً
(بِالشّورتِ وَالتِيْشِرتِ )
فيْ وَطَنِيْ
وأخذوا (بَنْطَلُوْنِيْ)
بَرْطَلُوْنِيْ!
قَدَّمُوا لِيْ مَا يَلِذُّ مِنَ الطَّعَامِ
وَجَوَّعُوْنِيْ
قَدَّمُوا لِيْ مَا يَطِيْبُ مِنْ الهَدَايَا
أخْبَرُوْنِيْ
أَنَّّ تَارِيْخَ بِلادِيْ
اِغْتِصَابٌ بِاغْتِصَابْ
وَأنَّ أجداديْ كِلابْ
وَضَعُوا نُصْبَ عَيْنَيَّ الجَوَارِيْ وَالشَّرَابْ
وَحِيْنَ شَرِبْتُ
كَأْسَ هَارُوْنَ الرَّشِيْدْ
صَادَرُوا أحْلامِيْ وَاقْتَلَعُوا عُيُوْنِيْ
عَذَّبُوْنِيْ
فَاحْتَمَلْتُ
آمِلاً أنْ يَرْحَمُوْنِيْ
 
لَقَّنُوْنِيْ دُرُوْسَهُمْ وَلُغَاتِهُمْ
فَغَدَوْتُ مِثْلَ البَبَّغَاءِ أعِيْدُهَا
فَاسْتَعْذَبُوْنِيْ
حَرَّمُوْنِيْ وَحَلَّلُوْنِيْ
أَخَذُوا زِبْدَةَ أفْكَارِيْ
وَتَرَكُوا لِيْ جُنُوْنِيْ
سَلَّمُوْنِيْ مَا أُرِيْدُ مِنَ السِّلاحِ
وَحَاصَرُوْنِيْ
"عَطَبُوْنِيْ"
قَالُوا إَنَّ النِفْطَ يَمْلؤنِيْ
وَإنَّ مَنَاجِمِيْ مَاسٌ
وَعِظَامِيْ ذَهَبْ
فَفَرِحْتْ
قَالوا إَنَّ الخَيْرَ يَغْمُرُنِيْ
وَإنَّ شَوَاطِئِيْ سِحْرٌ
وَجِبَالِيْ طَرَبْ
فَفَرِحْتْ
 
وَلَمْ يَدُقُّوْا عَلَىْ الخَشَبْ
"حَسَدُوْنِيْ "
استَأجَرُوْنِيْ
فَغَدَوْتُ مُجَاهِدَاً ضِدَّ الحُكُوَمَةْ
وَظَهَرْتُ بِلَهْجَةِ المظْلُوْمِ
عَبْرَ وَسَائِلِ الإِعْلامِ
أَشْتُمُ بِالحُكُوْمَةْ
"ضَلَّلُوْنِيْ"
دَلَّلُوْنِيْ
سَخَّرُوْا لِيْ التِكْنُولُوجْيَا كَمَا أُحِبُّ
وَرَوَّضُوْنِيْ
فِصِرْتُ عَبْدَاً
يَلْبِسُ المارْكَاتْ
بجَوَّالَيْنْ
وَاحِدٌ لِلْكَيْفْ وَآخَرٌ لِ (التشَاتْ)
غَنَّجُوْيْ
استَبْدَلُوْا المِسْوَاكْ
(بِبْلانْدَكْسْ أَنْتِيْ بْلاكْ)
أَخَذُوْنِيْ قَطَّعُوْنِيْ عَلَّبُوْنِيْ
صَدَّرُوْنِيْ مَرَّةً أُخْرَىْ إِلَىْ وَطَنِيْ
بِحِلََّتِيَ الجدِيْدَةْ
قَدَّمُوْنِيْ
فَفَرِحْتْ
استَأْجَرُوْنِيْ
كَيْ أَنَالَ مِنَ التُرَاثِ
وَهَدَّدُوْنِيْ
إِنْ رَأونِيْ أرْقُصُ الدَّبْكَةَ
أَوْ رَأَوْا يَدَ غَيْرِهِمْ بِيَدِيْ
فَسَوْفَ يُخَوْزِقُوْنِيْ
فَفَرِحْتْ
سَجَنُوْنِيْ خَلْفَ أسْوَارِ الحضَارَةِ
مُذْ وُلِدْتْ
أَرْضَعُوْنِيْ حَلِيْبَ أبْقَارِ الدِّنِمَارْكْ
المدَلَّلَةِ السَّمِيْنَةْ
وَحِيْنَمَا بَزَغَتْ يَمِيْنِيْ
زَوْجُ أُمِّيْ بِالرِّضَاعَةِ سَبَّ دِيْنِيْ
فَغَضِبْتْ
وَحينَمَا شَعَرُوْا بِنَارِ الثَّأْرِ فِيْ صَدْرِيْ
بِلُطْفٍ عَامَلُوْنِيْ
قَبَّلُوْنِيْ
قُبْلَةً هِنْدِيَّةً حَمْرَاءَ
فِيْ هُوْلِيُوْدْ
يَرْفُضُهَا الهنُوْدْ
وَقَبِلْتْ
فنَزَعْتُ عُرُوْبَتِيْ
وَشَتَمْتُ رُوْحِيْ
أيَّ دَوْرٍ ثَانَوِيٍّ عِنْدهُمْ
يُرْضِيْ طُمُوْحِيْ
"كَافَؤُونِيْ "
وَضَعُوا دُوْلارَيْنِ فِيْ جَيْبِيْ
وَقَالُوْا كَرَّمُوْنِيْ
فَفَرِحْتْ
حَطَّمُوْنِيْ
سَحَبُوْا مِنْ تَحْتِيْ بِسَاطَ الرِّيْحْ
كَيْ لا أَسْتَرِيْحْ
وَمِثْلَمَا صُلِبَ المسَيْحْ
صَلَبْوْنِيْ
مَنَعُوْنِيْ
أَنْ أَكُوْنَ مُثَقَّفَاً
وَمُرَتَّبَاً وَمُعَاصِرَاً
لِلنَّاسِ حَتَّىْ فِيْ شُؤُوْنِيْ
وَمِنْ كُلِّ امْتِيَازَاتِيْ
وَمِنْ أَدْنَىْ حُقُوْقِيْ
جَرَّدُوْنِيْ
أَقْحَمُوْنِيْ فِيْ حُرُوْبٍ
لَيْسَ لِيْ فِيْهَا عَدُوٌّ أوْ صَدِيْقْ
وَسَيَّرُوْنِيْ حَسْبَ خَارِطَةِ الطَّرِيْقْ
"شَرَّدُوْنِيْ"
وَعَدُوْنِيْ بِالرَّخَاءِ وَبِالمسَرَّةْ
وَأنَّهُمْ سَيُضَاعِفُوْنَ سَعَادَتِيْ
خَمْسِيْنَ مَرَّةْ
"بَحْبَحُوْنِيْ"
فَكَّرُوْا عَنِّيْ
وَلَمْ يَسْتَأْذِنُوْنِيْ
قَرَّرُوْا عَنِّيْ
وَلَمْ يَسْتَأذِنُوْنِيْ
(طَنَّشُوْنِيْ)
طَلَّقُوْنِيْ مِنْ أَمِيْنَةْ
وَزَوَّجُوْنِيْ إِنْجِلِيْنَا
زَوَّجُوْنِيْ وَطَلَّقُوْنِيْ
تَرَكُوْا كُلَّ شَيْءٍ كُلَّ شَيْءٍ
فِيْ الحيَاةِ
لِيَتْبَعُوْنِيْ
مُذْ وُلِدتُ وَهُمْ وَرَائِيْ
يَتْبَعُوْنِيْيَتْبَعُوْنِيْ
"أَتْعَبُوْنِيْ"
وَكُلُّ هَذَا لِأجْلِ مَاذَا
أللهِ باللهِ؟!
أَمْ لِسَوَادٍ في عُيُوْنِيْ؟
* * *
قَطَعُوْا الخَطَّ الأسْوَدَ وَالخَطَّ الأبْيَضْ
اعْتَادُوْا ألاّ أبغض شيئاً أو أرفض
وَعِنْدَ الأحْمَرِ حِيْنَ رَفَضتُ
وَصِحْتُ بِصَوْتٍ هَزَّ الأرْضْ
(حُلُّوا) عَنِّيْ خنقْتُموْنِيْ
(حُلُّوا) عَنِّيْ ذَبَحْتُموْنِيْ
فكوا أسري وَدَعُوْنِيْ
أَحْيَا حُرَّاً وَانْسُوْنِيْ
لَمَّا سَمِعُوْا زَوَرُوْنِيْ
وَمِنْ أُذُنَيَّ التَقَطُوْنِيْ
وَفي مَحْكَمِةٍ دُوَلِيَّةْ
تَحْكُمُ بِاسْمِ الحُرِّيَةْ
بِالتَّخْوِيْفِ وَبِالتَّحْرِيْفِ
وَبِالإرْهَابِ اتَّهَمُوْنِيْ
مِنْ مَكَبَّاتِ الزِّبَالَةِ
مِنْ تَخَارِيْمَ المغَاوِرِ
مِنْ سَرادِيْبِ المقَابِرِ
أنقذوني أنقذوني
أنقذوني.
 
رافل خاشوق
© 2024 - موقع الشعر