ما يعطي الله إلا مستحقينا - بديوي الوقداني

ما يعطي الله إلا مستحقينا
سبحانَ من سَبقَتْ أحكامُهُ فينا

كل الأمور التي تجري بقدرته
يقضي بما شاء لا يقضي بما شينا

أختار عبدُ الله عن ثقةٍ
الله راضٍ وكان الناس راضينا

والملك لا يبتغي يوم به عوض
وإن أرادوا له كانوا محبينا

أقام أركانه عدلاً وشيَّده
ونحن في ظله والأمن راعينا

وقال : إنيَ عبد الله محتسباً
وأبدل الناس من بعد القسا لينا

الأرض مهدها والجن صفّدها
والناس جازوا فعادوا مستقيمينا

سارت مخافته في كل جارحة
كالروح في سائر الأعضاء تماشينا

سمحٌ حليمٌ جريءٌ واهبٌ أسدٌ
يُغني الفقير ويرعى المستجيرينا

العدل سنته والحلمُ عادتهُ
يعف عن مالنا فضلاً ويعطينا

يُعطي الجياد ويُعطي كل سابغةٍ
جزل الهبات إذا ماجاد يُغنينا

وما قصدناه في أمرٍ نؤمله
إلا وأعطى ضعافاً عن أمانينا

يلقاك بالبشر والترحيب مبتسما
تكادُ أخلاقه الحسنى تناجينا

فهيبةٌ عن طريق الجور تنهرنا
وطيب أخلاقه للخير تهدينا

إنْ جال بالخيل خلت الموت يقدمُهُ
والبيضُ تضحك والأرماح تبكينا

لو بارزته صروف الدهر لانهزمت
هزم الكليم ابن عمران الفراعينا

ولو عزمنا على أمرٍ بهمته
وكان صعبا مشى طوعاً بأيدينا

أو سابقتْ همم الأقران همّته
يوما ورامت إلى العليا ميادينا

لخلتها في مجال السبق قد سبقتْ
سبق الجياد المغيرات البراذينا

كأن معْه عصا موسى يقلبها
فيما يشاء وقد زادت براهينا

لولاه ضاقت علينا الأرض وانقلبت
وبُدِّلت إنسُها جناً شياطينا

سموا إلى بابه السّادات خاضعة
كما إلى طوعنا تسعى موالينا

كل الملوك تراعيه وتخدمه
كما بعين الرِّضا منه يراعينا

خوفاً رجاءً ويعطون الخراج له
ولو أراد سعوا سعْي الملبِّينا

ونظّم الملك تنظيماً يناسبه
وزاده فعله الإحسان تحسينا

سواه في الناس من عربٍ ومن عجمٍ
ممن رأينا أو الأخبار تأتينا

© 2024 - موقع الشعر