لعل الصبا إن صافحت روض نعمان - ابن زمرك

لعل الصبا إن صافحت روض نعمان
تؤدي أمان القلب عن ظبية البان

وماذا على الأرواح وهي طليقة
لو احتملت أنفاسها حاجة العاني

وما حال من يستودع الريح سره
ويطلبها وهي النموم بكتمان

وكالضيف استقريه في سنة الكرى
وهل تنقع الاحلام غلة ظمآن

أسائل عن نجد ومرمى صبابتي
ملاعب غزلان الصريم بنعمان

وأبدي إذا ريح الشمال تنفست
شمائل مرتاح المعاطف نشوان

عرفت بهذا الحب لم أدر سلوة
وأنى لمسلوب الفؤاد بسلوان

فيا صاحبي نجواي والحب غاية
فمن سابق جلى مداه ومن وان

وراءكما ما اللوم يثني مقادتي
فإني عن شأن الملامة في شان

وإني وإن كنت الأبي قياده
ليأمرني حب الحسان وينهاني

وما زلت ارعى العهد فيمن يضيعه
وأذكر إلفي ما حييت وينساني

فلا تنكرا ما سامني مضض الهوى
فمن قبل ما أودى بقيس وغيلان

لي الله إما أومض البرق في الدجى
أقلب تحت الليل مقلة وسنان

وإن سل في غمد الغمام حسامه
برى كبدي الشوق الملم واضناني

تراءى بأعلام الثنية باسما
فأذكرني العهد القديم وأبكاني

أسامر نجم الأفق حتى كأننا
وقد سدل الليل الرواق حليفان

ومما أناجي الافق أعديه بالجوى
فأرعى له سرح النجوم ويرعاني

ويرسل صوب القطر من فيض أدمعي
ويقدح زند البرق من نار أشجاني

وضاعف وجدي رسم دار عهدتها
مطالع شهب أو مراتع غزلان

على حين شرب الوصل غير مصرد
وصفو الليالي لم يكدر بهجران

لئن أنكرت عيني الطلول فإنها
تمت إلى قلبي بذكر وعرفان

ولم أر مثل الدمع في عرصاتها
سقى تربها حين استهل وأظماني

ومما شجاني أن سرى الركب موهنا
تقاد به هوج الرياح بأرسان

غوارب في بحر السراب تخالها
وقد سبحت فيه مواخر غربان

على كل نضو مثله فكأنما
رمى منهما صدر المفازة سهمان

ومن زاجر كوماء مخطفة الحشا
توسد منها فوق عوجاء مرنان

نشاوى غرام يستميل رؤوسهم
من تبلغ الأوطار فرقة أوطان

أجابوا نداء البين طوع غرامهم
وقد تبلغ الأوطار فرقة أوطان

يؤمون من قبر الشفيع مثابة
تطلع منها جنة ذات أفنان

إذا نزلوا من طيبة بجواره
فأكرم مولى ضم أكرم ضيفان

بحيث علا الإيمان وامتد ظله
وزان حلى التوحيد تعطيل أوثان

مطالع آيات مثابة رحمة
معاهد أملاك مظاهر إيمان

هنالك تصفو للقبول موارد
يسقون منها فضل عفو وغفران

هناك تؤدي للسلام أمانة
يحييهم عنها بروح وريحان

يناجون عن قرب شفيعهم الذي
يؤمله القاصي من الخلق والداني

لئن بلغوا دوني وخلفت إنه
قضاء جرى من مالك الأرض ديان

وكم عزمة مليت نفسي صدقها
وقد عرفت مني مواعد ليان

إلى الله نشكوها نفوسا أبية
تحيد عن الباقي وتغتر بالفاني

ألا ليت شعري هل تساعدني المنى
فاترك أهلي في رضاه وجيراني

واقضي لبانات الفؤاد بأن أرى
أعفر خدي في ثراه وأجفاني

إليك رسول الله دعوة نازح
خفوق الحشا رهن المطالع هيمان

غريب بأقصى الغرب قيد خطوه
شباب تقضى في مراح وخسران

يجد اشتياقا للعقيق وبانه
ويصبو إليها ما استجد الجديدان

وإن اومض البرق الحجازي موهنا
يردد في الظلماء أنة لهفان

فيا مولي الرحمى ويا مذهب العمى
ويا منجي الغرقى ويا منقذ العاني

بسطت يد المحتاج يا خير راحم
وذنبي ألجاني إلى موقف الجاني

وسيلتي العظمى شفاعتك التي
يلوذ بها عيسى وموسى بن عمران

فأنت حبيب الله خاتم رسله
وأكرم مخصوص بزلفى ورضوان

وحسبك أن سماك أسماءه العلى
وذاك كمال لا يشاب بنقصان

وأنت لهذا الكون علة كونه
ولولاك ما امتاز الوجود بأكوان

ولولاك للافلاك لم تجل نيرا
ولا قلدت لباتهن بشهبان

خلاصة صفو المجد من آل هاشم
ونكتة سر الفخر من آل عدنان

وسيد هذا الخلق من نسل آدم
وأكرم مبعوث إلى الإنس والجان

وكم آية أطلعت في أفق الهوى
يبين صباح الرشد منها ليقظان

وما الشمس يجلوها النهار لمبصر
بأجلى ظهورا أو بأوضح برهان

وأكرم بآيات تحديتنا بها
ولا مثل آيات لمحكم فرقان

وماذا عسى يثني البليغ وقد أتى
ثناؤك في وحي كريم وقرآن

فصلى عليك الله ما انسكب الحيا
وما سجعت ورقاء في غصن البان

وأيد مولانا ابن نصر فإنه
لأشرف من ينمى لملك وسلطان

اقام كما يرضيك مولدك الذي
به سفر الإسلام عن وجه جذلان

سمي رسول الله ناصر دينه
معظمه في حال سر وإعلان

ووارث سر المجد من آل خزرج
واكرم من تنمي قبائل قحطان

ومرسلها ملء الفضاء كتائبا
تدين لها غلب الملوك بإذعان

حدائق خضر والدروع غدائر
وما أنبتت إلا ذوابل مران

تجاوب فيها الصاهلات وترتمي
جوانبها بالأسد من فوق عقبان

فمن كل خوار العنان قد ارتمى
به كل مطعام العشيات مطعان

وموردها ظمأى الكعوب ذوابلا
ومصدرها من كل أملد ريان

ولله منها والربوع مواحل
غمام ندى كفت بها المحل كفان

إذا أخلف الناس الغمام وأمحلوا
فإن نداه والغمام لسيان

إمام أعاد الملك بعد ذهابه
إعادة لا نابي الحسام ولا وان

فغادر أطلال الضلال دوارسا
وجدد بالاسلام أرفع بنيان

وشيدها والمجد يشهد دولة
محافلها تزهى بيمن وإيمان

وراق من الثغر الغريب ابتسامه
وهز له الإسلام أعطاف مزدان

لك الخير ما أسنى شمائلك التي
يقصر عن إدراكها كل إنسان

ذكاء إياس في سماحة حاتم
وإقدام عمرو في بلاغة سحبان

أمولاي ما أسنى مناقبك التي
هي الشهب لا تحصى بعد وحسبان

فلا زلت ياغوث البلاد وأهلها
مبلغ أوطار ممهد أوطان

© 2024 - موقع الشعر