هي نفحة هبت من الأنصار - ابن زمرك

هي نفحة هبت من الأنصار
أهدتك فتح ممالك الأمصار

في بشرها وبشارة الدنيا بها
مستمتع الأسماع والابصار

هبت على قطر الجهاد فروضت
أرجاءه بالنفحة المعطار

وسرت وأمر بالله طي برودها
يهدي البرية صنع لطف الباري

مرت بأرواح المنابر فانبرت
خطباؤها مفتنة الأطيار

حنت معارجها إلى أعشارها
لما سمعن بها حنين عشار

لو أنصفتك لكللت أدواحها
تلك البشائر يانع الأزهار

فتح الفتوح أتاك في حلل الرضى
بعجائب الأزمان والأعصار

فتح الفتوح جنيت من أفنانه
ما شئت من نصر ومن أنصار

كم آية لك في السعود جلية
خلدت منها عبرة استبصار

كم حكمة لك في النفوس خفية
خفيت مداركها عن الأفكار

كم من أمير أم بابك فانثنى
يدعى الخليفة دعوة الإكبار

أعطيت أحمد راية منصورة
بركاتها تسري من الأنصار

أركبته في المنشآت كأنما
جهزته في وجهة لمزار

من كل خافقة الشراع مصفق
منها الجناح تطير كل مطار

القت بأيدي الريح فضل عنانها
فتكاد تسبق لمحة الأبصار

مثل الجياد تدافعت وتسابقت
من طافح الأمواج في مضمار

لله منها في المجاز سوابح
وقفت عليك الفخر وهي جواري

لما قصدت بها مراسي سبتة
عطفت على الأسوار عطف سوار

لما رأت من صبح عزمك غرة
محفوفة بأشعة الأنوار

ورأت جبينا دونه شمس الضحى
لبتك بالإجلال والإكبار

فأفضت فيها من نداك مواهبا
حسنت مواقعها على التكرار

وأريت أهل الغرب عزم مغرب
قد ساعدته غرائب الأقدار

وخطبت من فاس الجديد عقيلة
لبتك طوع تسرع وبدار

ما صدقوا متن الحديث بفتحها
حتى رأوه في متون شفار

وتسمعوا لأخبار باستفتاحها
والخبر قد أغنى عن الأخبار

قولوا لقرد في الوزارة غرة
حلم مننت به على مقدار

أسكنته من فاس جنة ملكها
متنعما منها بدار قرار

حتى إذا كفر الصنيعة وازدرى
بحقوقها الحقته بالنار

جرعت نجل الكاس كأسا مرة
دست إليه الحتف في الإسكار

كفر الذي أوليته من نعمة
لا تأنس النعماء بالكفار

فطرحته طرح النواة فلم يفز
من عز مغربه بغير فرار

لم يتفق لخليفة مثل الذي
أعطى الإله خليفة الانصار

لم أدر والأيام ذات عجائب
تردادها يحلو على التذكار

ألواء صبح في ثنية مشرق
أم راية في جحفل جرار

وشهاب أفق أم سنان لامع
ينقض نجما في سماء غبار

ومناقب المولى الإمام محمد
قد أشرقت أم هن زهر دراري

فاق الملوك بهمة علوية
من دونها نجم السماء الساري

لو صافح الكف الخضيب بكفه
فخرت بنهر للمجرة جاري

والشهب تطمع في مطالع أفقها
لو أحرزت منه منيع جوار

سل بالمشارق صبحها عن وجهه
يفتر منه عن جبين نهار

سل بالغمائم صوبها عن كفه
تنبئك عن بحر بها زخار

سل بالبروق صفاحها عن عزمه
تخبرك عن أمضى شبا وغرار

قد أحرز الشيم الخطيرة عندما
أمطى العزائم صهوة الأخطار

إن يلق ذو الإجرام صفحة صفحة
فسح القبول له خطا الأعمار

يا من إذا هبت نواسم حمده
أزرت بعرف الروضة المعطار

يا من إذا افترت مباسم بشره
وهب النفوس وعاث في الإقتار

يا من إذا طلعت شموس سعوده
تعشي أشعتها قوى الإبصار

قسما بوجهك في الضياء وإنه
شمس تمد الشمس بالأنوار

قسما بعزمك في المضاء فإنه
سيف تجرده يد الأقدار

لسماح كفك كلما استوهبته
يزري بغيث الديمة المدرار

لله حضرتك العلية لم تزل
يلقي الغريب بها عصا التسيار

كم من طريد نازح قذفت به
أيدي النوى في القفر رهن سفار

بلغته ما شاء من آماله
فسلا عن الأوطان بالأوطار

صيرت بالإحسان دارك داره
متعت بالحسنى وعقبى الدار

والخلق تعلم أنك الغوث الذي
يضفي عليها وافي الأستار

كم دعوة لك في المحول مجابة
أغرت جفون المزن باستعبار

جاءت مجاري الدمع من قطر الندى
فرعى الربيع لها حقوق الجار

فأعاد وجه الأرض طلقا مشرقا
متضاحكا بمباسم النوار

يا من مآثره وفضل جهاده
تحدى القطار بها إلى الأقطار

حطت البلاد ومن حوته ثغورها
وكفى بسعدك حاميا لذمار

فلرب بكر للفتوح خطبتها
بالمشرفية القنا الخطار

وعقيلة للكفر لما رعتها
أخرست من ناقوسها المهذار

اذهبت من صفح الوجود كيانها
ومحوتها إلا من التذكار

عمروا بها جنات عدن زخرفت
ثم انثنوا عنها ديار بوار

صبحت منها روضة مطلولة
فأعدتها للحين موقد نار

واسود وجه الكفر من خزي متى
ما احمر وجه الأبيض البتار

ولرب روض للقنا متأود
ناب الصهيل به عن الاطيار

مهما حكت زهر الاسنة زهره
حكت السيوف معاطف الأنهار

متوقد لهب الحديد بجوه
تصلى به الأعداء لفح أوار

فبكل ملتفت صقال مشهر
قداح زند للحفيظة واري

في كف أروع فوق نهد سابح
متموج الأعطاف في الإحضار

من كل منحفز بلمحة بارق
حمل السلاح به على طيار

من أشهب كالصبح يطلع غرة
في مستهل العسكر الجرار

أو أدهم كالليل إلا أنه
لم يرض بالجوزاء حلي عذار

أو أحمر كالجمر يذكي شعلة
وقد ارتمى من بأسه بشرار

أو اشقر حلى الجمال أديمة
وكساه من زهو جلال نضار

أو أشعل راق العيون كأنه
غلس يخالط سدفة بنهار

شهب وشقر في الطراد كأنها
روض تفتح عن شقيق بهار

عودتها أن ليس تقرب منهلا
حتى يخالط بالدم الموار

يا أيها الملك الذي ايامه
غرر تلوح بأوجه الاعصار

يهني لواءك أن جدك زاحف
بلواء خير الخلق للكفار

لا غرو أن فقت الملوك سيادة
إذ كان جدك سيد الأنصار

السابقون الأولون إلى الهدى
والمصطفون لنصرة المختار

متهللون إذا النزيل عراهم
سفروا له عن أوجه الأقمار

من كل وضاح الجبين إذا اجتبى
تلقاه معصوبا بتاج فخار

قد لاث صبحا فوق بدر بعدما
لبس المكارم وارتدى بوقار

فاسأل ببدر عن مواقف بأسهم
فهم تلافوا أمره ببدار

لهم العوالي عن معالي فخرها
نقل الرواة عوالي الأخبار

وإذا كتاب الله يتلو حمدهم
أودى القصور بمنة الأشعار

يا ابن الذين إذا تذوكر فخرهم
فخروا بطيب أرومة ونجار

حقا لقد أوضحت من آثارهم
لما أخذت لدينهم بالثار

اصبحت وارث مجدهم وفخارهم
ومشرف الاعصار والأمصار

يا صادرا في الفتح عن ورد المنى
رد ناجح الإيراد والإصدار

وأهنأ بفتح جاء يشتمل الرضى
جذلان يرفل في حلى استبشار

وإليكها ملء العيون وسامة
حيتك بالأبكار من أفكاري

تجري حداة العيس طيب حديثها
يتعللون به على الأكوار

إن مسهم لفح الهجير أبلهم
منه نسيم ثنائك المعطار

وتميل من أصغى لها فكأنني
عاطيته منها كؤوس عقار

قذفت بحور الفكر منها جوهرا
لما وصفت أناملا ببحار

لا زلت للإسلام سترا كلما أم
الحجيج البيت ذا الأستار

ويقيت يا بدر الهدى تجري بما
شاءت علاك سوابق الأقدار

© 2024 - موقع الشعر