فقيد البيان - حفيظ بن عجب الدوسري

فقيد البيان
رحم الله فقيد الأمة الأديب الرباني علي الطنطاوي
مات البيان فأين أين بياني
يا ليتها تجري به ألحاني
الشيخ مات فودعي يا أمتي
شيخ البيان العالم الرباني
ماذا سأكتب والقصيدة ودعت
تبكي زمان الذل والإذعان
ماذا سأكتب هل يطاوعني فمي
والقلب شل بسرعة الخفقان
ماذا سأكتب والحروف تآكلت
والشعر مل مرارة الأحزان
بالأمس مات فقيهنا في عصره
واليوم غاب بليغنا المتفاني
عاش الحياة مجاهدا في نثره
وبدينه قد هام في الأوطان
باع الحياة مطلقا لذاتها
وهوى الممات بطاعة الرحمان
قد كان يدعو للجهاد بقوله
وبفعله ويصيح يا إخواني
قوموا نعيد المجد في أوطاننا
وندك كل معاقل الشيطان
ما ذل من كان الجهاد قرينه
يا رب نصر في صدى الفرسان
قد كان يدعو للفضيلة دائما
وببره قد كان كالطوفان
قد كان كالأسد الهصور على العدا
يرمي صروح معابد الصلبان
قد كان كالصقر المحلق فوقنا
يا ضيعة الغربان والعقبان
قد كان يرفع بالحديث رؤوسنا
ويحارب الأعداء بالقرآن
قد كان يسحر بالبيان وربما
سحر الأديب بريشة الفنان
قد كان مثل النهر يجري سلسلا
عذبا يفوق النهر في الجريان
قد كانت الأقلام تعشق نثره
وتقول لا أحيا بلا وجداني
يا حسرة الأوراق ترثي نورها
وتبث شكواها على الأكوان
وتقول ماذا هل سنحيا بعده
أم هل نموت بنقمة الكتمان
فُجعت به الكلمات وهو حبيبها
كم عاش يرقيها من الهذيان
قل للذي يبغي بديلا غيره
ختم البيان بسيد الميدان
هذي هي الذكرى تلوح بخاطري
والذكريات طغت على أوزاني
ما زلت تكتب ذكرياتك مسعفا
بالخير من صدق ومن إحسان
حتى قرأناها فأعجبنا الذي
قد كان يجري منك في الريعان
ولكم غنمنا حين كنت تزيدنا
علما وترفدنا بغير تواني
أمطرتنا فأفدتنا يا شيخنا
وكسوتنا حللا من الإيمان
عملتنا الإخلاص في كلماتنا
وسقيتنا نبعا عزيز الشان
يا شيخ كنت معلما ومهذبا
تحنو على الدنيا بفيض حناني
قد كنت تبكي القدس وهي جريحة
وتقول أين كتيبة الشجعان
قد كنت تحرص أن تكون كوحدة
أو مثلها البنيان للبنيان
قد كنت تروي سيرة الأصحاب في
تاريخك المملوء بالريحان
قد كنت تسبقنا إلى ركب العلا
سيان أشياخي مع الشبان
الموت حق غير أن وفاتكم
وقعت علي كصاعق أضناني
وذهلت حين سمعت أخبار الورى
ذكرتك مثل بقية الإنسان
أأبا البلاغة يا معيد بريقها
فقدتك وهي مهيضة الأركان
إن كان للآداب ركن شامخ
فلقد ثبت وكنت أنت الباني
يا رب حيٍّ ميت في عيشه
ولرب ميت عاش طول زماني
ما مات من كانت روائع علمه
في الناس ملء العين والآذان
أبو عبدالرحمن حفيظ بن عجب آل حفيظ الدوسري
من قصائد حفيظ الدوسري
© 2024 - موقع الشعر