اعني على برق - امرؤ القيس

أعِنّي عَلَى بَرْقٍ أَرَاهُ وَمِيضِ
يُضيءُ حَبِيًّا فِي شَمارِيخَ بِيضِ

وَيَهْدَأُ تَارَاتٍ سَنَاهُ وَتَارَةً
يَنُوءُ كَتَعتَابِ الكَسيرِ المَهيضِ

وَتَخْرُجُ مِنْهُ لامِعَاتٌ كَأنّهَا
أكُفٌّ تَلَقّى الفَوْزَ عِندَ المُفيضِ

قَعَدْتُ لَهُ وَصُحُبَتي بَينَ ضَارجٍ
وَبَينَ تِلاعِ يَثْلَثَ فالعَرِيضِ

أَصَابَ قَطَاتَينِ فَسالَ لِوَاهُمَا
فَوَادِي البَدِيِّ فانتَحَى للأرِيضِ

بِلادٌ عَرِيضَةٌ وَأَرْضٌ أرِيضَةٌ
مَدَافِعُ غَيْثٍ فِي فضاءٍ عَرِيضِ

فأضْحَى يَسُحُّ المَاءَ مِنْ كلّ فِيقةٍ
يَحُوزُ الضِّبَابَ فِي صَفَاصِفَ بِيضِ

فأُسْقي بِهِ أُخْتِي ضَعِيفَةَ إِذْ نَأتْ
وَإِذْ بَعُدَ المَزَارُ غَيرَ القَرِيضِ

وَمَرْقَبَةٍ كالزُّجّ أشرَفْتُ فَوْقَهَا
أُقلّبُ طَرْفِي فِي فَضَاءٍ عَرِيضِ

فظَلْتُ وَظَلّ الجَوْنُ عِندِي بلِبدِهِ
كَأَنِّي أُعَدّي عَنْ جَناحٍ مَهِيضِ

فَلَمّا أجَنّ الشّمسَ عَنِّي غؤورُهَا
نَزَلْتُ إلَيْهِ قَائِماً بالحَضِيضِ

يُبَارِي شَبَاة الرُّمحِ خَدٌّ مُذَلَّقٌ
كَصَفحِ السِّنانِ الصُّلَّبيِّ النَّحِيضِ

أُخَفّضُهُ بالنَّقْرِ لَمّا عَلَوْتُهُ
وَيَرْفَعُ طَرْفاً غَيرَ جَافٍ غَضِيضِ

وَقد أغتَدِي وَالطّيرُ فِي وُكُنَاتِهَا
بِمُنْجَرِدٍ عَبْلِ اليَدَينِ قَبِيضِ

لَهُ قُصْرَيَا غَيرٍ وَسَاقَا نَعَامَةٍ
كَفَحلِ الهِجانِ يَنتَحي للعَضِيضِ

يَجُمُّ عَلَى السّاقَينِ بَعدَ كَلالِهِ
جُمومَ عُيونِ الحِسي بَعدَ المَخيضِ

ذَعَرْتُ بِهَا سِرْباً نَقِيًّا جُلُودُهُ
كَمَا ذَعَرَ السِّرْحانُ جنبَ الرَّبِيضِ

وَوَالَى ثَلاثاً واثْنَتَينِ وَأرْبَعاً
وَغادَرَ أُخرَى فِي قَناةِ الرَّفِيضِ

فَآبَ إِبَاباً غَيرَ مُوَاكِلٍ
وَأخْلَفَ مَاءً بَعدَ مَاءٍ فَضِيضِ

وَسِنٌّ كَسُنَّيْقٍ سَنَاءً وَسُنَّماً
ذَعَرْتُ بِمِدْلاجِ الهَجيرِ نَهُوضِ

أَرَى المَرْءَ ذَا الأذوَادِ يُصْبحُ مِحْرِضاً
كَإحرَاضِ بَكْرٍ فِي الدّيارِ مَرِيضِ

كَأَنّ الفَتَى لَمْ يَغْنَ فِي النَّاسِ سَاعَةً
إِذَا اختَلَفَ اللَّحيانِ عِندَ الجَرِيضِ

تمت الإضافه بواسطة : سالم ال فروان
© 2024 - موقع الشعر