عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار - النابغة الذبياني

عوجوا, فحيوا لنعم دمنة الدار,
ماذا تحيون من نؤي وأحجار؟

أقوى, وأقفر من نعم, وغيره
هوج الرياح بهابي الترب, موار

وقفت فيها, سراة اليوم, أسألها
عن آل النعم, أمونا, عبر أسفار

فاستعجمت دار نعم, ما تكلمنا,
والدار, لو كلمتنا, ذات أخبار

فما وجدت بها شيئاً ألوذ به,
إلا الثمام وإلا موقد النار

وقد أراني ونعماً لاهيين بها,
والدهر والعيش لم يهمم بإمرار

أيام تخبرني نعم وأخبرها,
ما أكتم الناس من حاجي وأسراري

لولا حبائل من نعم علقت بها,
لأقصر القلب عنها أي إقصار

فإن أفاق, لقد طالت عمايته؛
والمرء يخلق طوراً بعد أطوار

نبئت نعماً, على الهجران, عاتبة؛
سقياً ورعياً لذاك العتاب الزاري

***
رأيت نعماً وأصحابي على عجلٍ,

والعيس, للبين, قد شدت بأكوار
فريع قلبي, وكانت نظرة عرضت

حيناً, وتوفيق أقدار لأقدار
بيضاء كالشمس وافت يوم أسعدها,

لم تؤذ أهلا, ولم تفحش على جار
تلوث بعد افتضال البرد مئزرها,

لوثاً, على مثل دعص الرملة الهاري
والطيب يزداد طيباً أن يكون بها,

في جيد واضحة الحدين معطار
تسقي الضجيع إذا استسقى بذي أشرٍ

عذب المذاقة بعد النوم مخمار
كأن مشمولة صرفاً بريقتها,

من بعد رقدتها, أو شهد مشتار
أقول, والنجم قد مالت أواخره

إلى المغيب: تثبت نظرة, حار
المحة من سنا برقٍ رأى بصري,

أم وجه نعمٍ بدالي, أم سنا نار؟
بل وجه نعم بدا, والليل معتكر,

فلاح من بين أثوابٍ وأستار
إن الحمول التي راحت مهجرة,

يتبعن كل سفيه الرأي, مغيار
نواعم مثل بيضاتٍ بمحنيةٍ,

يحفزن منه ظلمياً في نقا هار
إذا تغنى الحمام الورق هيجني,

وإن تغربت عنها أم عمار
ومهمهٍ نازحٍ, تعوي الذئاب به,

نائي المياه عن الوراد, مقفار
جاوزته بعلنداةٍ مناقلةٍ

وعر الطريق على الإحزان مضمار
تجتاب أرضاً إلى أرضٍ بذي رجل

ماضٍ على الهول هادٍ غير محيار
إذا الركاب ونت عنها ركائبها,

تشذرت ببعيد الفتر, خطار
كأنما الرحل منها فوق ذي جدد,

ذب الرياد, إلى الأشباح نظار
مطردٍ, أفردت عنه حلائله,

من وحش وجرة أو من وحش ذي قار
مجرس, وحد, جأب أطاع له

نبات غيث, من الوسمي, مبكار
سراته, ما خلا لبانه, لهق,

وفي القوائم مثل الوشم بالقار
باتت له ليلة شهباء تسفعه

بحاصبٍ, ذات إشعانٍ وأمطار
وبات ضيفاً لأرطاةٍ, وألجأه,

مع الظلام, إليها وابل سار
حتى إذا ما انجلت ظلماء ليلته,

وأسفر الصبح عنه أي إسفار
أهوى له قانص, يسعى بأكلبه,

عاري الأشاجع, من قناص أنمار
محالف الصيد, هباش, له لحم,

ما إن عليه ثياب غير أطمار
يسعى بغضفٍ براها, فهي طاوية,

طول ارتحالٍ بها منه, وتسيار
حتى إذا الثور, بعد النفر, أمكنه,

أشلى, وأرسل غضفاً, كلها ضار
فكر محمية من أن يفر, كما

كر المحامي حفاظاً, خشية العار
فشك بالروق منه صدر أولها,

شك المشاغب أعشاراً بأعشار
ثم انثنى, بعد, للثاني فأقصده

بذات ثغرٍ بعيد القعر, نعار
وأثبت الثالث الباقي بنافذةٍ,

من باسلٍ, عالم بالطعن, كرار
وظل, في سبعة منها لحقن به,

يكر بالروق فيها كر إسوار
حتى إذا ما قضى منها لبانته,

وعاد فيها بإقبال وإدبار
إنقض, كالكوكب الدري, منصلتاًَ,

يهوي, ويخلط تقريباً بإحضار
فذاك شبه قلوصي, إذ أضر بها

طول السرى, والسرى من بعض أسفاري
© 2024 - موقع الشعر