لمدينتي

لـ عامر الدبك، ، بواسطة سماهر، في غير مُحدد

لمدينتي - عامر الدبك

إلى مدينة الباب
 
مدينتي التي مهما غادرتها لا تغادرني
 
__________
 
لمدينتي وجه كوجهي
 
أغنيات لا تنامْ
 
رئة من الطين
 
سماء من حمامْ
 
ومسافة للروح تشطح في المدى
 
ما ضلَّ عارفها
 
ولو حلَّ الظلامْ
 
لمدينتي
 
نهر توضأ من دمي
 
وعلى فمي
 
ما زال يمتد الكلامْ
 
***
 
لمدينتي
 
باب إلى صمتي
 
وذاكرتي
 
يفكُّ ضفائر الزمن العتيقْ
 
سور من الحب القديم
 
منازل للقادمين مع المساء
 
نوافذ للراحلين مع الشروقْ
 
لمدينتي
 
باب لروحي
 
كلَّما هزَّته ريحٌ
 
قال :يا ريح اسكنيني
 
رحلة
 
كالفجر في صمت الطريقْ
 
***
 
لمدينتي
 
بوح تخبئه الدروبُ
 
حكاية منسية بين الأزقةِ
 
بين أشلاء الغروبْ
 
أمي تناديني
 
فأخفي ما جمعت من الحصا
 
في جيب بنطالي
 
وأنفض راحتي من التراب
 
أمي تناديني
 
فأقفز نحوها
 
ماذا تخبئ يا شقي ؟
 
ارم الحصا واغسل يديكْ
 
سنزور جدتك الوحيدة
 
***
 
يا جدتي
 
ماذا تريد ؟
 
احكي لي القصص الجميلة
 
لا تكن مستعجلا
 
اصبر قليلا يا بني .
 
أَبكي
 
فتأخذني إلى أحضانها
 
تحكي وتحكي كي أنامْ
 
يا جدتي
 
كل الحكايات التي تحكيها لي هي نفسها
 
فتضم في شعري أصابعها المليئة بالزمن
 
وتقول لي :
 
لم يأتي الجنيُّ هذا اليوم بالقصص الجديد .
 
***
 
لمدينتي
 
رمل من الذكرى
 
مساء من نجوم
 
كنت أحصيها يؤنبني أخي :
 
أمي تقول : بأن من يحصي النجوم
 
تشب في يده ثآليل كثير ة
 
أُلقي على وجهي الغطاء
 
فلا أرى تلك النجوم
 
أمي تقول : إذا رأيت النجم يهوي
 
قل : سلام
 
إنما النجم الذي يهوي نذير بالحطامْ
 
فأغوص في قلب الفراش ولا أنامْ
 
***
 
لمدينتي
 
وجه كوجهي
 
حين يوقظني أبي
 
قم يا بني
 
هذا صباح العيدِ
 
قم حتى نصلي
 
فالمساجد كلُّها بدأت تكبرْ
 
نمضي أنا وأبي
 
نصلي
 
ثم نصعد ذلك الجبل العقيل
 
حيث القبور
 
تنام في السفح الجميل
 
نمضي يقول أبي وصلنا يا بني
 
ألق التحية لا تطأ فوق القبور
 
ألق التحية
 
إن للأموات أسرار
 
وإحساس كبير
 
يا ابني
 
توقف ها هنا واقرأ على روح الجميع الفاتحة
 
نمضي .. يشير أبي ..
 
هناك وقرب قبر الشيخ صالحَ
 
قبر جدكَ
 
بعده يا ابني هناك على اليمين تنام أمي
 
كنت طفلا عندما رحلت فعشت معذبا
 
القهر في قلبي عظيم يا بني
 
***
 
لمدينتي
 
وجه حزين
 
وأنا وحيد يا أبي
 
حملتك قافلة الرحيل
 
وحملت روحي خلف قافلة الأنين
 
وجهي تؤرجحه أصابع رحلتي
 
ويدي رحيل من أرقْ
 
تغشى على وجه الورقْ
 
أنا يا أبي
 
وحدي تمزقني سكاكين الجنون
 
أصبحت أمشي شاردا في الأرض
 
يقتلني الحنين
 
لا وجه لي أرمي به خلف الجهات
 
ولا رؤى للحلم تحملني
 
إلى مدن الحكايات البعيدة
 
لا دمع يحملني إلى برد اليقين
 
لمدينتي
 
صمت طويل
 
وانتظارْ
 
لا شهرزاد تعود لي من ألف ليلة في المساء
 
ولا نهارْ
 
صاحت ديوك القهر
 
معلنة بزوغ الانهيار
 
أنا يا أبي وحدي
 
هنا
 
وعلى الطريق هناك
 
ما زال القطار
 
______________
 
سورية حلب
© 2024 - موقع الشعر