مرثية التشابه - حكمة شافي الأسعد

إلى أمل دنقل
 
"بلحية صغيرة أخلق فارقاً بيني وبين هذا
 
الرجل المأساة../ لا لا يزعجني أبداً هذا التشابه
 
بيننا. لكنني أخشى نهاية مشابهة"
 
الأصابعُ من ذَهَبٍ
 
والطريقُ إلى آخر العمر من تعبٍ.
 
نرتقي تلّةَ الغيب سرّاً،
 
ونبتاعُ ما يختفي في الحناجرِ،
 
نهزأُ من وجهنا وملامحهِ في مرايا الصدى.
 
نختفي في المرايا
 
يفاجئنا الشعراءُ بأشباههمْ:
 
( أنا أنتَ ..
 
وحين تموتُ ستتركُ قمصانكَ الزرْقَ لي،
 
وستترك وجهكَ لي، حين يغرق في حنطة الفقراء، وتترك صورتَنا خلفَ واجهة المكتباتِ
 
ولن يكشفَ الأصدقاءُ الفروقَ التي لم تكنْ.)/
 
الأصابعُ من ذهب ٍ
 
والطريقُ إلى آخر العمر من تعبٍ .
 
.. هذه صورتي
 
عندما كنتُ أكبرَ من زمني
 
كان وجهُكَ يحملها من مظاهرةٍ نحو أخرى
 
لتصحو أخيراً على حائط السجنِِ، تلمعُ مثلَ السيوف.
 
سأحملُها اليومَ عنكَ كما أحمل الظلَّ في الشمس ..
 
مثلَ الفوانيس في خيمة البدويّ.
 
أنا ذكرياتُكَ ..
 
ندخلُ سوقَ المدينةِ ( أحسبُ أنّا غريبانِ، لم يتعرّفْ علينا أحدْ )
 
فجأةً سوف نصحو هناكَ،
 
لقد عَرَفَتْنا أنوفُ البلدْ.
 
الأصابع من ذهبٍ
 
والطريقُ إلى آخر العمر من تعبٍ.
 
ربّما نتشابهُ بالصُّوَرِ العائليّةِ،
 
لكنني لا أرى الأهلَ فيها.
 
وقد نتشابه بالأصدقاءِ
 
فنحن نحبّ الظلالَ إلى الموتِ /
 
نرثي لعمرٍ نظنّ ثوانيه أقصرَ ممّا تكون /
 
نقدّس وخْزَ الهواجسِ والصمتَ في دمنا /
 
نختفي في البياض /
 
نعلّقُ أرواحَنا مثلَ مشنقةٍ في الفراغ /
 
إذاً ..
 
ربّما نتشابه بالأصدقاء.
 
ولكننا نحضنُ الخوفَ مثلَ بيوض الغراب،
 
نخلّفها للحياة الجديدةِ
 
حيث يشدُّ البرامكةُ القصرَ بين أصابعهمْ.
 
الأصابع من ذهبٍ
 
والطريقُ إلى آخر العمر للبرمكيّ طويلٌ .. جميلٌ./
 
نقول لصورتنا أن تكونَ ثلاثيّةَ الحزنِ حين ستحملُ فيها ملامحنا ( أنا، أنتَ، المهلهلُ ):
 
( تقتلنا في الصباح العشيرةُ
 
يقتلنا في المساء العبيدُ.)/
 
مشيتُ على هذه الطرقات طويلا ..
 
تعبتُ ..
 
اْنْحنيتُ قليلا ..
 
ولم أستطعْ وضعَ صورتنا في إطارٍ يليقُ،
 
ولكنني أستقيمُ ..
 
أنا ذكرياتُكَ
 
أصرخُ في كعكتي الحجريةِ:
 
يا "أيّها الواقفون على حافَة المذبحهْ
 
.. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. ..
 
.. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. ..
 
.. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. ..
 
سقط الموتُ، وانفرط القلبُ كالمسبحهْ
 
والدمُ انسابَ فوق الوشاحْ !
 
المنازلُ أضرحةٌ
 
والزنازن أضرحةٌ
 
والمدى أضرحهْ "*
 
المدى أضرحهْ.
 
*
 
11-10-2003
 
*من قصيدة أمل دنقل" الكعكة الحجرية "
© 2024 - موقع الشعر