طيبة

لـ عبدالله الصيخان، ، بواسطة غادة العلوي، في غير مُحدد

طيبة - عبدالله الصيخان

بِالأمْسِ عُجْتُ على القِبابِ أزُورُها
 
وأشُمُّ عطرًا عالقًا بِقِبابِ
 
ووقفتُ بالقبرِ العظيمِ أعُودُهُ
 
وبِجِيْرَةِ الصِّدِيقِ والخَطَّابِ
 
الخيرُ يَثْوي والعَدَالةُ والنَّدَى
 
لكنَّها أحيتْ حَدِيثَ صَحَابِي
 
ألصقتُ وَجْهي بالسِّياجِ أشُمُّهُ
 
وبكيتُ بين القبرِ والمِحْرابِ
 
لمَّا ذكرتُ حُشاشةً قد ودّعَتْ
 
منِّي ومالتْ زَهْرتِي(*) لِغِيابِ
 
وذكرتُ دمعةَ سيِّدِي وبُكَاءَهُ
 
لمَّا رَأى قبرًا نَدِيَّ تُرَابِ
 
حارتْ بأبواءِ المدينةِ رِجْلُهُ
 
وجَرَى حديثُ القَلبِ للأحْبابِ
 
يا قبرَ آمنةَ اسْتَفِقْ فَوقُوفُهُ
 
سَيُحيلُ هذي الجُرْدَ كالأعْنابِ
 
يا سيِّد الثَّقلينِ جئْتَ مُبشِّرًا
 
بالحُبِّ لا بمعاركٍ وخَرابِ
 
أُرْسِلْتَ والدُّنيا ظَلامٌ والمَدَى
 
ظلمٌ وخيلُ المُُؤمِنينَ كَوَابِي
 
ورَحَلْتَ والدُّنيا ضِياءٌ والمَدَى
 
نُورٌ يُرى فِي دَفَّتيِّ كِتَابِ
 
***
 
يا طيبةَ الأطْيابِ جِئْتُكِ عَاشقًا
 
لِسَنَى النَّبِيِّ وخَافِقِي مِحْرَابِي
 
أمْشِي وأزرعُ آيةً فِي خَافِقي
 
تَسْقِي هَشِيمَ الوِرْدِ والأعْصَابِ
 
نورٌ على نورٍ تُضيءُ بَصِيرتِي
 
وبِها عرفتُ خَطِيئتِي وصَوَابِي
 
مِنْ هاهُنا مَرَّتْ رَوَاحِلُ سيِّدي
 
وهُنا اهْتَدى قِسٌّ وأسْلَمْ صَابِي
 
مِنْ هاهُنا أضْحَى لِطَيْفِ مُحمَّدٍ
 
نورٌ وأصْغَتْ للحبيبِ رَوَابِي
 
يا طيبةَ الأطيابِ جئتُكِ شاكيًا
 
أبناءَ آوَى فِي جُلُودِ ذِئابِ
 
همْ غيَّبُوا في الدِّينِ فيضَ سَماحَةٍ
 
وبشاشةٍ تُغْنِي عَن التِّرْحَابِ
 
زَرَعُوا القَطِيعةَ بين كُلِّ جماعةٍ
 
ورَعَوا نَمِيْمَ الوَاشِيَ الكَذَّابِ
 
لمْ يَدْفَعُوا حدًّا بِشُبهةِ تَائبٍ
 
أوْ يرحَمُوا حالاً لِذَاتِ خِضَابِ
 
لمْ يَعْرفُوا فِي اللهِ رَحْمَتهُ التي
 
وَسِعَتْ ذُنوبَ مَسالِكٍ وشِعَابِ
 
اللهُ نُورُ الأرْضِ عَلَّمَ بِالقَلَمْ
 
مَنْ لَيْسَ يَعْلَمُ يا ذَوِي الألْبَابِ
 
***
 
يا طيبةَ التَّاريخِ إنِّي مُؤْمِنٌ
 
باللهِ.. لا بِفَتاوِيَ المُرْتَابِ
 
أفْتَى وأسْرَجَ للضَّلالةِ خَيْلَهُ
 
فَلَبِئْسَ ما سِيْقَتْ لَهُ بِرِكَابِ
 
أفْتَى وزَيَّنَ للمُرَاهِقِ فِتْنةً
 
وقَطِيعةَ الأبْوابِ بالأبْوابِ
 
أفْتَى وأَوْغَرَ صَدْرَهُ وفُؤادَهُ
 
وسَقاهُ مِنْ كأسٍ بِغَيرِ شَرَابِ
 
يا قَارِئَ القُرآنِ رَتِّلْ آيَهُ
 
وتَعَالَ كَيْ أُدْنِي إليكَ إهْابِي
 
لِتُعَطِّرَ الرُّوحَ الضَّرِيرةَ بِالسَّنى
 
ويَطِيبُ مِنْ بَعْدِ الرَّوَاحِ إيَابِي
 
وتَعَالَ كي نَجْلُو الحَقِيقَةَ فِي الدُّجَى
 
أنَّ الذي أفْتَى هُوَ الإرْهَابِي
© 2024 - موقع الشعر