أحلام حطام - حسن الصيرفي

لا ترجُ ممَّن يضنُّ أنْ يَهَبا
فأطيبُ العمر والمنى ذهبا

وغاب خلفَ الضباب ما حَلَمتْ
بما تودُّ العيونُ واحتجبا

كلُّ الذي كنتَ أمسِ تَنشدهُ
في عالم الذكريات راح هَبَا..

****
يا شاعرَ الحبّ والجمال.. أما

تزال تسعى لتبلغَ القُبَبا!
تجري وراء الخيالِ تجرع مِنْ

كاساته ما يَغُلُّ من شربا
والحسنُ - يا شاعرَ الجمالِ - هنا

يمرُّ كالطيف جاوز العَتَبا
أخفقتَ يا خافقَ الفؤاد وقد

قاسيتَ فيه السَّقام والتَّعبا
أما ترى الليلَ والنهار معاً

قد حطَّما فيكَ كلَّ ما اجتذبا!
وصرتَ هذا الحطامَ من جسدٍ

يعيش وسطَ السكونِ مُضطَرِبا
إذا أحسَّ الدَّواءَ يُنعشهُ

رأى ابتسامَ الحياةِ قد هربا
أما ترى الشمسَ وهيَ جانحةٌ

تُوحي بأنَّ المغيب قد قَرُبا...!
****

يا شاعرَ الحبِّ!... لم تُفِق أبداً
من خمرهِ.. والشَّرابُ ما نضبا!

تعيش في حرِّ ناره ووقدتِها
وفيكَ قلبٌ بحبّه التهبا

أحلتَه جنَّةً منضَّرةً
لا لغوَ في أمنها ولا صخبا

بالطُّهر قد صنتَه وحسبُكَ من
جماله: الوحيُ طاف واقتربا

والحبُّ إنْ يملكِ الفؤادَ يَعشْ
كأنَّه للسماء قد نُسِبا..

****
يا تاركَ القلبِ في تَوهّمهِ

والوهمُ للقلب يُحسن الكذبا
اُرفُقْ بقلبٍ سكنتَه زمناً

وكنتَ تزهو بنبضه طَرَبا!
أحلامُه لم تزل تُعاودهُ

كأنَّما الكأسُ تُرقِص الحَبَبا
ولا تَلُمه على السَّحاب يعبرهُ

وكان من قبلُ يعبر السُّحُبا
غمامةٌ في سمائه تركتْ

ظلالَها في الفؤاد فاكتأبا
إذا رأى البرقَ وامضاً لمعتْ

خواطرٌ في الخيال فاختُلِبا
وبعد هذا الوميض راعِدُهُ

يقول: إنَّ الضياء فيكَ خبا..
لا ترجُ مِمَّن يضنُّ أنْ يَهَبا

فأطيبُ العمر والمنى ذَهَبا..!
© 2024 - موقع الشعر