النشيد المُنتظَر - سالم المساهلي

"إلى العاشقين ...وعدا وعهدا"
 
***
 
يا داعي العشق يكفي القلب ما فيه
 
كم خادع الحلم أشواقا تُرجّيه
 
دَع للفؤاد خيالات يلوذ بها
 
ذكرى تُؤلّفه من نسج ماضيه
 
فإنما الدهر تاراتٌ يجود بها
 
حكم المقادير والإنسان يُجريه
 
لولا الذين رووْا أعماقنا شغفا
 
لأوجز النبضُ وانفضّت أمانيه
 
وضاقت النفس بالأنفاس وانفتحت
 
مجاهل الصمت والإبهام والتيه
 
يا داعي العشق كان الحب ملحمة
 
والموت في حصنه أسمى معانيه
 
كم رفرف الصّبُّ بالآمال يزرعها
 
في جبهة الشمس، والأكوان تُغريه
 
وسامر الوجدَ والأقمار ساجدةٌ
 
تدعو له الكشفَ والذكرى تُسلّيه
 
ألم ترالعاشق المفتون مُشتعلا
 
بالشوق يلفحه والصمتُ يبريه
 
فاحت صبابته كالعود محترقا
 
يُبدي الشذى عبِقا والنار تكويه
 
لايورق الزهر إلا من جوانحه
 
أو يوقد الصبر إلا من تأبّيه
 
يا ذلك العهدُ هل للوصل من سبب
 
؟ يبلّغُ النفس مأمولا تُناجيه
 
****
 
يا داعي العشق إن اليوم ملتبس
 
بالهمهمات وأغباش تواريه
 
كأنما الشمس في آفاقه شرر
 
يثيره القصف في بغداد تأويه
 
والروض كالرمل والأمواج واجمة
 
في دجلة الوصل والأوحال تُضنيه
 
والعاشقون رموا أتعابهم حُمما
 
تُغالب الفرَّ بالإقدام ترميه
 
كأن بالقلب ما بالأرض من لهب
 
كأن بالترب نبضُ القلب يحميه
 
لولا الأولى وهنوا ماكنتِ خائرة
 
ولا تأله باغ في تعدّيه
 
جيلُ المتاهات والأوجاع ماشية
 
يسوقها الليلُ في أجلى دياجيه
 
كأنه العفوُ أو موج بلا سكن
 
يمجّه البحر والشطآن تثنيه
 
ها أنه الآن مشدود إلى زمن
 
تجوبه الريح ُأهباءً تُذرّيه
 
يا أمّة التيه لالومٌ ولا عتبٌ
 
قد أسمع الجرح لو نادى مداويه
 
لا أبتغي الوصف والأطلال أعلكها
 
وإنما الذكرُ يُغويني فأُغويه
 
لم يبق للنفس غير الدمع يجمرها
 
يُهيجه الذكر والعينان تعصيه
 
كأنما الدمع لا يجري على خُشب
 
لا تستحي أبدا مما تُعانيه
 
****
 
يا داعي العشق أقبل حين تلمحها
 
بانت سعاد تقود المهر، تسقيه
 
وتمسح النقع عن عينيه سابحةً
 
بين السبيب، بزيت الروح ترويه
 
يا زهرة النار هُبي كي نولّيَه
 
عرش الفؤاد فضُمّيني وضميه
 
إحذر عدوّك لا تَركن لبسمته
 
الخِبّ خبٌّ وإن أبدى تصافيه
 
نفّذ غرامك لاترهب دسائسه
 
يا حارس النار، لسنا من مواشيه
 
أطلق نشيدك ، أعلنها مدوّية
 
الكرُّ أصدقُ إن ضجّت دواعيه
 
لا ينفع العقل إلا والفدا معه
 
كي يسلم الحرّ من علج يُعاديه
 
فوضى التآريخ رُدّينا نُقوّمها
 
يا زهرة النار والتكوين رُدّيه
 
دهى العروبة داء لا دواء له
 
غير القيام على وعد نُدانيه
 
ماذا سيبقى من الدنيا إذا انقطعت
 
مسالك الوصل عن حلم نراعيه؟
 
لن يُطفأ الفجرُ ما دمنا نُؤمله
 
أو يسقط الأفق مادمنا نواليه
 
فلتسلم الأرض من عاِد يخاتلها
 
وما تهدّم، حتما سوف نبنيه
 
العرس موعدنا لا وهمٌ ولاكذبٌ
 
فليهنأ الصبحُ إن الوعد آتيه
© 2024 - موقع الشعر