كأنما شمْعـة الرقـرَاق - مصطفى بن عبدالرحمن الشليح

سلا أمن عمرها عمري الذي رحلا
أم أنني وترٌ منها بما انسبلا

أم نمنمات الندى نامت على شفتي
حتى إذا ما صحت كان الهوى قبلا

أم غمغمات عصيّات صواحبها
مقطعات يدا ما همّ واشتعلا

مني الكلام وأنساني منادله
ماء الرئيِّ على أعتابه ابتهلا

أم أنني، وحميّاها مؤانسة ،
يكاد يكتبني رقراقها جذلا

أم أن عمري، على أسوارها، خبر
كأن تاريخها منيّ إذا اعتدلا

ولا عتوّ فللتاريخ مئذنة
إذا سلا تتسامى للعلى مثلا

أم أنني لم أقل إلا لوامحها
والعمر يمرح بي حلا ومرتحلا

أم أنها أولتني في قصيدتها
عن الليالي و عن سار وما انتقلا

أم كانت الكلمات البيض هدهدنا
إلى الكلام وما قلنا ولا ارتجلا

أم هذه حلة تلغو بسانحة
تثغو ببارحة ما بارحت حللا

أم تلك سائحة، بين المها، حورًا
والحسن يشهق ما وافى ولا ارتحلا

أم أنه السرّ، والمابيْنُ مروحة
من العيون، وجسر عابث أملا

أم الليالي تبث النجم سكرتها
كما لياليك إما قرطها انسبلا

كما الجنون .. وجيد من جداوله
اللمياء يعطو إلى مرآتها ثملا ؟

كأنني أبذل الإيقاعَ راحلتي
أنا لأبقى رهين الماء ما اتصلا

كأنني شمعة التاريخ بسملة
والريح تعول لا يأتي لها بدلا

والريح تعوي وللمابيْن أهبته
والليل يسرج من قنديله سبلا

كأنما شمعة الرقراق خاشعة
حين التداني بما يهتاجني رسلا

كأن بيني وبيني ألف ليلتها
وشهرزاد تمد الليل ما انفصلا

كأن صبحًا جرى جرحًا تنفسه
فمال بالبارقات الخضر ما اعتدلا

وقال لي: أينا يا صاحبي لغة ؟
وأينا باذل بوحًا وما بذلا ؟

وقال لي : طلل يا صاحبيّ قفا
حتى نكون على آثاره طللا

فقلت : تلك مسافات مسافرة في
اللانهايات تسقي بعدها مطلا

وتستحث إلى جامورها بددًا من
الخطاب لتلوي بالرؤى جدلا

وتلك إثفية ما زال موعدها
سهران بالجمرة العيناء ما اشتعلا

ما زلّ حتى توارى عن مباذله
حين استوى، من حُميا بذله، حللا

وقلت: يا صاحبي .. أوقاتنا نبأ ..
بلقيس تكتم عنا القول والعذلا

بلقيس تأخذ منا ما يساورنا
من الليالي كأنّ الليل ما اتصلا

بلقيس والساق والأوراق ساحبة
أوراقها والذي عن طيفه رحلا

والشمس والكأس والرقراق يجذبني
إلى المتاهات محمولا ومحتملا

والطرس يسألني من أيما جهةٍ
تأتي الكتابة محوًا كلما سألا

والأمس يسبقني من حيث أعبره لكي
أراني على أستاره وجلا

بلقيس والورق المسبيُّ .. ذاك دمي
والسارقات قصيدي حينما اعتدلا

وذاك من قافياتي شبه سيرتها
أنا وما ساجل الرقراق واحتفلا

لمن أقول : سلا دنيا مساجلةٍ
من العيون، و.. قلبي شمعة جذلا ؟

© 2024 - موقع الشعر