وزيْـــنُ العَـابــدِيــن يـَـنـثــرُه جَــمـالا - مصطفى بن عبدالرحمن الشليح

رأيتَ وما رأيتَ إذا توالى
بصدركَ ما ترفّ له جلالا

كأنّ به من الجذباتِ لوحًا
إذا ما اللوحُ جاذبها سؤالا

إذا ما البوحُ منها قد تجلىَّ
مَراوحَ رؤيةٍ ندّتْ جمالا

إذا ما الروحُ معْراجُ ابتهال
ترقىّ روْحها يندَى ابتهالا

إذا ما النفحُ يأرجُ مُستبيحًا
مساءَ العمْر ينسجُ ما تلالى

إذا ما السفحُ منبلجٌ بهاءً
بليلته، ومختلجٌ وصالا

إذا ما الجرحُ معتلجُ المراي
بروعته يهمّ بها اعتلالا

إذا ما اللمحُ محوٌ للحكايا
و ما تصحو به الرؤيا انذهالا

رأيتَ فهلْ رأيتَ عدولَ حرفٍ تدلىّ،
منْ تمنعِه, ارتحالا ؟

وهلْ جمحتْ بأهبته الليالي
وهلْ جنحتْ بصحبته فمالا ؟

كأنكَ لم تكنْ منه احتمالا
إذا ما الحرفُ جَنحكَ احتمالا؟

كأنّ الطيفَ ما مالَ احتدامًا
على طيفٍ بأوديةٍ، وسالا

قفا نبْكِ الرسومَ ولا رسومٌ
سوى حرفٍ يشط بنا انتقالا

تركنا خطونا رسمًا لخطٍ هنا
وهناك .. يكتبنا سؤالا

لنكتبَ سَورة الرؤيا مديدًا
من التأويل يسحبنا مجالا

لنشربَ سَطوة المعْنى قصيدًا
عميدًا يشربُ المعنى وصالا

تركنا خطونا وهمًا عنيدًا
على العتباتِ بيضاءَ اشتعالا

على الجنباتِ من جَمْر الشظايا
إذا يتكسَّرُ المسْرى نصالا

تركنا أبْجَديّتنا رمالا
ولا بيداءَ تنتظمُ الرمالا

كأنّ النعلَ منعمة ضلالا
ولا لغة لنوسعَها انتحالا

هنا وهناك .. أشباحٌ تراءتْ
وأقداحٌ تعاطينا المطالا

وألواحٌ .. هنا وهناك .. تعطو
إلى حَببٍ يُطاولنا احتفالا

يُبعْثرنا كرقراق الأقاصِي
ويعْبرنا كما شاءَ انسلالا

كأنا، في مََهبِّ الماء،
كأسٌ تهَدهِدها الأراجيحُ احتمالا

بكلِّ صَبوحها وغبوق حَكي
عن الكلماتِ مغناجًا دلالا

وعنْ عبثِ القوافي بالقوافي
وعني، والقصيدِ، وما توالى

وعنكَ إذا سَلا شقتْ جيوبًا
ومالتْ حيثما الإطراقُ مالا

وسالتْ، والأسى يُصمي قلوبًا،
إذا التاريخ رقراقٌ مجالا

تلفتَ يرتقي، صُعدًا، مَداه
كأنكَ منه مِرقاة جلالا

كأنكَ تنتقي مددًا مديدًا من
الأوراق تنسابُ اختيالا

لتنكتبَ المناقبُ باذخاتٍ بكلِّ
بيارق الرؤيا انثيالا

وكلِّ رقائق المعْنى اكتمالا تهمُّ
بها لتستبقَ اكتمالا

لتنبثقَ الحدائقُ رائقات
وقد ألقتْ على المعنى سؤالا

ليسألها عن العتباتِ رَوْحًا
وريْحانًا، وتسأله ظلالا

كأنّ سلا، ودمعُ البين سِفرٌ
لذي حَزن، وما تروي مقالا

وما تطويه من خبر الليالي
عنْ الأعلام حين أتوا رجالا

وعن سيَر الغطارفةِ النشامى
إذا أعلامُهم تكسو الرمالا

ويرسو المجد، مقتبسًا
حلاه من السَّرواتِ مختلسًا وصالا

بكلّ يدٍ متوجَةٍ شموعًا
تكبِّرُ عِزة تسمو جلالا

وتعبُرُ، مثلَ مئذنةٍ، ربوعًا
بكلِّ قصيدةٍ شردتْ منالا

كأنَّ سلا تحدثُ عن عميدٍ وقد شرقتْ بلوعَتها اعتلالا
فما هتفتْ بروعتها كلامًا

ولكنَّ الكلامَ أتى اشتعالا
وقد وقفتْ، لخشعتها، احتدامًا

حروفٌ إذ تعالى ما تعالى
ألمّ الخطبُ منتضيًا حسامًا

ولملمَ من عبارتنا خبالا
فما قلنا وللرقراق همسٌ

وما قلنا وذا الرقراقُ مالا
ولا ملنا، على ميَدٍ، حمامًا

رأى فبكى مدائنه ارتحالا
كأنّا من هشاشتنا رحيلٌ

تخَرَّمه رحيلٌ إذ توالى
يَمدّ الأيْنَ هَودجُه سفارًا

بخارطةٍ تحاورُنا اختلالا
كأنّا نسكنُ البلوى اختبارًا

كأنّا نحضنُ الشكوى نصالا
إذا شرقتْ بدمعتها انسب

لا سلا وسَرى النعيُّ بها انذهالا
وسرتُ أجوسُ أسوارًا ودارًا

وحرتُ متاهة وثبتْ، وآلا
هنا وهناك ملتبسًا مدارًا

كأنّ به، من السّفَر، ارتحالا
وأحدسُ بابَ زاويةٍ كأني

أراني، عنده، طفلا توالى
حديثه عن سلا وعن الليالي

وعنْ رقراقه شفَّ اعتلالا
وما ارتجفَ ابتداءاتٍ توافي بكلّ قصيدةٍ تأتي انثيالا

إذا الختمُ انثناءاتُ المنافي
إلى ما لستُ أختمه سؤالا

هنا وهناكَ عن رسْم القوافي
وقد أودعته جَذلا وخالا

وأودعتُ السّوافي ما السوافي
تعابثه امِّحاءً أو زوالا

رأيتُ وما رأيتُ خطايَ تلغو بما
الكلماتُ ترسُمه مقالا

رأيتُ دوائرَ المعنى, وقوسًا
من التأويل أعمدة طوالا

من التاريخ أسحبُها كؤوسًا
وأسكنها شموسًا ما تعالى

من الزهْر الشماريخ احتفالٌ
بباذخِه أكون أنا احتفالا

أكونُ القائلَ المنقالَ شعرًا
لشامخه ترقرقَ ثمَّ سالا

من الذاتِ المطوِّحةِ انفعالا بما
ضاقتْ به خطبًا توالى

إلى الذاتِ الملوِّحَةِ اشتعالا
بما ذاقتْ، وما ذاقتْ زلالا

أكونُ الشاكيَ الباكي عميدًا
من الغرِّ الميامين اعتدالا

أكونُ الرائيَ الحاكي مديدًا
من العبَق الذي فاحَ اختيالا

وزينُ العابدينَ على بساطٍ
من التهليل ينثرُه جمالا

تماوجَ خضرة وسَجا بياضًا
وعاجَ على سَماوته ومالا

كأنه، والحدائقُ ذاتُ بوح, جناحُ إشارةٍ ترقى احتمالا
كأنه، والرقائقُ قارئاتٌ،

وشاحُ عبارةٍ تأبى انسدالا
وتأبى من حَمامتها هديلا إذا

لم يقدح العمرَ ابتهالا
ولم يطرحْ عمامته قتيلا من

النجوى ولم يبرحْ عقالا
ولم يصدحْ بما ينأى مثيلا وما

يدنو ولا يدنو مثالا
ولم يَسبَحْ بلائحةٍ عديلا من الجذباتِ تطويه ارتحالا

ولم يسفحْ على قدح قليلا من
الوثباتِ ترويه انذهالا

ولم يمنحْ إلى لمَح جميلا من
العتباتِ تأويه جلالا

وزينُ العابدينَ يمرُّ شيخًا
على شيخ مشابكة وآلا

ومِسْبحة من الشرفاء لاحتْ
مُسبِّحة مقامًا ثم حالا

إذا انتظمتْ عقودًا عاقداتٍ لجينًا من غمامتها ظلالا
وعقيانًا بمَحتدِها انتسابًا

إلى النبويِّ من بيتٍ تلالا
وللشعريِّ فيه من القوافي

خرائد ماسَ أبلغها دلالا
وجاسَ تيمنًا كلَّ انعطافٍ من

البركاتِ وامتدح النعالا
إذا انتظمتْ فمروحة السجايا

تهبُّ على المرايا ما توالى
سؤالُ العترة السمحاء نفحًا

يفيضُ على المُحبّين انسبالا
وترفضّ المواهبُ ساحباتٍ

على الدنيا، بأجمعها، خصالا
فمنْ أشذاء منقبةٍ تجلتْ

إلى أبهاء منقبةٍ خيالا
هنا وهناكَ .. والورد انتشاءٌ

وباءٌ حيثما ألفٌ تعالى
مخاطبة فمن قرأ الليالي

بذاك الموقفِ الرائي ابتهالا ؟
ومنْ ضاءتْ، بقولته، الأمالي وما

كانتْ سوىالنعل احتمالا؟
ومنْ آضتْ إليه فلولُ قول

إذا شردتْ به اللغة انذهالا ؟
ومنْ كانَ الحروفَ ولاحروفٌ

رأيتُ وما رأيتُ بها مقالا ؟
وزينُ العابدينُ يمرُّ قوسًا

من الخطراتِ أقبسُها هلالا
وألبسها الطروسَ بما

تراءى من النظراتِ إيناسًا تلالا
وللإبداع مجلسُه المُجلىَّ من

الشذراتِ تلتمسُ الجمالا
بكلِّ كتابة،ٍ وترى جلالا

بأطلسِها إذا قامتْ جلالا
وكلِّ صحافةٍ نجلاءَ حرفًا

إذا ما الحرفُ جردَها سؤالا
وكانَ الكشفُ سيِّدَها عطوفًا

على التاريخ يبسطه اعتدالا
وكلِّ مقامةٍ حوراءَ طرفًا

وزينُ العابدينَ أتى اقتبالا
يهشّ على المقالة مغربيًّا

كأن عصاته تسْعى سؤالا
ويُجهشُ بالثقافةِ يعْربيًّا

إذا ما أجهشتْ سحْرًا حلالا
فكيفَ أقولُ للسجُفِ الدواهي

وقد نزلتْ بمُسدَلها ارتحالا
أبا بكر، وللجرْح انقداحٌ

وما عرفتْ جوانحه اندمالا ؟
وكيف أقولُ ما أنقالُ فيه ؟

سألتُ الله صبرًا واحتمالا
© 2024 - موقع الشعر