وداعا... درويش!!

لـ صدقي شعباني، ، بواسطة سماهر، في غير مُحدد

وداعا... درويش!! - صدقي شعباني

أحيا على أمل ما كنت مدركه
ما ذنب محترق في النّار مغلول

مسّ رقيق لتلك الكفّ تعتقني
من قيد أسر نبا بي دهره الغول

يا بعض نفس تقول الشّيء تضمره
دلاّ، فهل أخمدت نارا أباطيل؟

أحيا كفافا ولي من حاضري سقمي
أعلي به جدثا في القلب محمول

أعتقت خوفي على ضنّ وبي أمل
أسلو الحياة فأعيتني التّآويل

يلقون بي في إسار الظّنّ لو عدلوا
عادوا مريضا خبت فيه التّراتيل

والنّاس في أمر نفسي هاجس شكس
وملتو بصريع الحبّ مقتول

قد غيّبوك اغترارا ليتهم ذكروا
بأنّني لم تذب قلبي التّراتيل

ما كان أحرى دموعي أن تروّي ثرى
حازته روح منافيها المواويل

يا وافد اللّحد أعلى اللّحد بيرقه
الشّعر باب وهذا اللّحن موصول

فم المنايا حروف أنت قائلها
فليهنأ العمر وشّته التّهاويل

وإن أراني ضجيعا في مفاوزها
هذي الحياة لها عندي مثاقيل

هذي الحياة الّتي عمّدتها نفسا
تطويه روح وروح الشّعر تنزيل

سنلتقي بين بيت هزّه شجن
وننشد اللّحن أعلاه التّهاليل

هل حقّ لي بعد موت أرتدي جسدا
يهتزّ شوقا فما تجدي الأقاويل

اليوم أحيا كما قد كنت منتهبا
للخوف في مقلتيّ إنجيل

يتيم شعر وربّ الشّعر معتور لله درّ
امرئ في الحبّ مشغول

أنهيت كأس الصّبابات الّتي احترقت
ولفّني بعد ألاّف سرابيل

لو يستعيد الزّمان البكر دورته
ويستبين بشطر الدّرب قنديل

أيقنت مثلي بأنّ الأرض مملكة
وما سواها أباطيل أضاليل

وأنّ من لم يقم في شرفة الرّوح
أط لالا فلا كان ديباج وإكليل

ولا تناجت قلوب العاشقين
مل يّا في ربوع تهادتها التّماثيل

الآن ترحل يا "مهيار" ممتلئا
فيك الكلام انتهى نظما له طول

وامتدّ هذا الفضاء الرّحب حتّى
كأ نّه لضيق تخطّته العقابيل

أبكي ليتمين: يتم الحرف منكسرا
ويتم روح عليها النّعش معقول

سأكتفي بالّذي كانت توحّده
حدود بحر وأوتاد وتمثيل

وأشهر الوزن سهما في مناحره
ما كان أرداك طيراه الأبابيل

مازلت أذكر أطيافا وأخيلة
وأنّك الشّعر مفطور ومجبول

وأنّك الصّوت حقّا لا انكفاء له
في الحلّ يعلو وفي التّرحال معلول

هل كان للأرض حجم غير ما كانت
حروفك الشّمّ تعليه وتخييل

هل كان للأرض أن ترضى العناق
هوى لولاك يا من بفيه السّيف مسلول

والأرض كانت بلا لون تردّ له
حتّى ارتدتها بأشواق أكاليل

وفي حنايا حناياك انتقشت لها
رسم الخلود فنعم الرّسم مصقول

أخا الحصار كسرت القيد في صفد
كما تكسّرت الهوج الأساطيل

وفي الجليل اشتققت القلب من لهب
وشيّعتك – أخي – العوذ المطافيل

جثا الهروب فأهوت فوقه مدن
من كلّ فجّ توافيها المفاليل

وكنت بيتا فشيّدت البيوت قصا ئدا
لها في ثنايا اللّحن تقبيل

اليوم ينعى الحصار المرّ سورته
وينشر الأرض نشر الكفّ تهليل

اليوم إن "بروة" الأحلام ما فزعت
إليك ف"البروة" الإنشاد موصول

أحييتها كاستعارات ممزقّة الأشلاء
قد زانها سحرا تحاليل

واعتدتها في ظلام اللّيل حلما
أسا لته عذاب المنى البيض الأزاعيل

فأنت من كنت توفي الوعد محمدة
وما أقالتك عن حبّ تآويل

وارتبت في كلّ حرف شابه سأم
وأركبتك مطايا الضّاد عطبول

فليسكن الموت أعضاء وهت فيها
الحياة، فالموت مرماه الأحابيل

وليبكك الوطن المنزوع هامته سمّا
زعافا، وفي الأيدي المناديل

لكنّك الآن تحيا في ممرّدة
للشّعر علويّة يكلاك "حزقيل"

تعطي المدائن أسماء مجنّحة
لكلّ اسم سماء ما لها طول

يأتين سعيا فيلهبن الجباه لظى
في جانحيك، وتنساب المواويل

يأتين من كلّ فجّ كي يريناأمير
الشّعر أهدت له السّيف المقاويل

لو يمهل الموت أحيانا بلا ترة
شهما كريم الجدا ما امتدّ أيلول

وينتهي بين خلاّن مرحّلةجيادهم
فهي تكفيها الأساطيل

ويرتخي قوسه المشدود آمادا
يرى بها الصّبّ صبّا وهو محمول

يهديه كفّ الزّمان الغرّ مملكة
لها عذيب وأبواب مقافيل

لو يمهل الموت ميتا حار
منزله فيه فآوته أوطان مثاكيل

وإلفه الحيّ لم تجمل مودّته
ستّون حولا، وقلب الخلّ مثكول

يستنطقان مرير البعد في عجل
ويمضيان فذا فان وذا قيل

عش في سما اسمك الحاوي تجدّده
يا سيّد الشّعر عش فليهنك القيل

البريمي في: 30 أيلول 2008
© 2024 - موقع الشعر