مستشفى تل شيحا - إيليا أبو ماضي

أباعثة المطايا من حديد
كأسراب القطا للعالمينا

ركائب في فجاج الأرض تسري
تقلّ الذاهبين الأيبينا

تقصّ على المدائن و القرايا
حكاية قومك المستنبطينا

و كيف العقل يخلق من زريّ
مهين لا زريّ و لا مهينا

و ينفخ في الجماد قوى وحسّا
فيركش تارة و يطير حينا

و يهتف بالقصائد و الأغاني
و قد ذهب الردى بالمنشدينا

لقد حسدتك أمّ الفنّ " روما "
كما حسدتك ضرّتها " أثينا "

فمجدك فوق مجدها علاء
و حسنك فوق حسنها فتونا

نزلنا في حماك فقرّبينا
و باركنا ثراك قباركينا

فما لطماعة بنضار " فورد "
و فضّته إليك اليوم جينا

فما هو في سماحته " كمعن "
و ليست نوقه للذابحينا

و لكن فيك إخوان هوينا
لأجلهم جميع الساكنينا

أحبّونا كأنّهم ذوونا
و أنسونا بلطفهم ذوينا

و عاهدناهم إذ عاهدونا
فلم ننكث و لا نكثوا يمينا

إذا غضبوا على الدنيا غضبنا
و إن رضوا على الدنيا رضينا

دعاهم للعلى و الخير داع
من " الوادي " فلبّوا أجمعينا

أيخذل " جارة الوادي " بنوها ؟
معاذ الله هذا لن يكونا

فما لاقيت " زحليّا " جبانا
و لا لاقيت " زحليّا " ضنينا

تأمّل كيف أضحى " تلّ شيحا "
يحاكي في الجلالة " طورسينا "

فعن هذا تحدذرت الوصايا
و في هذا وجدنا المحسنينا

على جنباته و على ذراه
جمال يبهر المتأمّلينا

فلم مثله للخير دنيا
و لم أر مثله فتحا مبينا

فيا أشبال " لبنان " المفدّى
و يا إخواننا و بني أبينا

ترنّح عصركم فخرا و هشّت
لصنعكم عظام المائتينا

تبارى الناس في طلب المعالي
فكنتم في المجال السابقينا

بنى الأهرام " فرعون " فدامت
لتخبر كيف كان الظالمونا

و كم أشقى الجموع الفرد منهم
و كم طمس الألوف لكي يبينا

وشدتم معهدا في " تلّ شيحا "
سيبقى ملجأ للبائسينا

يطلّ الفجر مبتسما عليه
و يرجع مطمئنّا مستكينا

و يمضي يملأ الوادي ثناء
عليكم ، و الأباطح و الحزونا

أرى غيثين يستبقان جودا
هما مطر السّما و الغائثونا

لئن حجب الغمام الشّمس عنّا
فلم يطمس ضياء الله فينا

و لم يستر سبيل الخير عنكم
و لم يقبض أكفّ الباذلينا

وجدت المرء حبّ الخير فيه
فإن يفقده صار المرء طينا

تكمّش في الحقول الشوك بخلا
فذلّ و عاش مكتئبا حزينا

و أسنى الورد ، إذ أعطى شذاه
مكانته فكن في الواهبينا

سألت الشعر أن يثني عليكم
فقالت لي القوافي : قد عيينا

سيجزيهم عم البؤساء ربّ
يكافيء بالجميل المحسنينا

© 2024 - موقع الشعر