الى الشبان المتفرّجين - إيليا أبو ماضي

يا أيّها الشّرق انظر إلى
القوم الذين شددت أزرك فيهم

ما زلت تكلأهم بطرف ساهر
يحيي الظلام و هم هجود نوّم

و الغرب يرنو خافا
أجدادهم و يودّ لو لم ينعموا

حتى إذا طرّت شواربهم و بات
من الشباب لهم طراز معلم

خرجوا عليك و أنت لا تدري و هم
لا يشعرون و لو دروا لتندّموا

يا طالما مثلوا لديك كأنّهم
أذد الشّرى فنسيت أنّك تحلم

ورجوت ما يرجوه كلّ أب لدى
أبنائه / أنّ العقوق مذمّم

و لطالما شدت القصور من المنى
خاب الرّجاء و ساء ما تتوهّم

ألهتهم الدّنيا فهذا بالطّلى
صبّ و هذا بالحسان متيّم

و الخمر فاتكة بناعم
ترف يكاد من النّسائم يسقم

قد أصبحوا وقفا على شهواتهم
يستسلمون لها و لا تستسلم

لم يفهموا معنى الحياة و كنهها
إنّ البليّة أنّهم لم يفهموا

فليقلعوا عن غيّهم إنّي أرى
خور الشيوخ بهم و لمّا يهرموا

قد قلّدوا الغربيّ في آفاقه
تقليده الشّرقيّ فيما يعصم

فتنتهم لغة الأعاجم إنّما
لغة الأعاجم منهم تتبرّم

أمسى الذي تهدى إليه لآليء
و كأنّما هو بالحجارة يرجم

لا تعذل الشعراء إن بخلوا به
إنّ القريض على الغبيّ محرّم

بتنا و بات الشّرق يمشي القهقرى
مع ذاك نحسب أنّنا نتقدّم

© 2024 - موقع الشعر