كتابي

لـ إيليا أبو ماضي، ، بواسطة غادة العلوي، في غير مُحدد

كتابي - إيليا أبو ماضي

وسائلة: أيّ المذاهب مذهبي
وهل كان فرعا في الديانات أم أصلا

وأيّ نبيّ مرسل أقتدي به
وأيّ كتاب منزل عندي الأغلى؟

فقلت لها : لا يقتني المرء مذهبا
وإن جلّ ، إلاّ كان في عنقه غلاّ

فما مذهب الإنسان إلاّ زجاجة
تقيّده خمرا وتضبطه خلاّ

فإن كان قبحا لم يبدّله لونها
جمالا، ولا نبلا إذا لم يكن نبلا

أنا آدميّ كان يحسب أنه
هو الكائن الأسمى وشرعته الفضلى

وأنّ له الدنيا التي هو بعضها
وأنّ له الأخرى إذا صام أو صلّى

أمنّ على الصّادي إذا ما سقيته
وألزمه شكري، ولست أنا الوبلا

وأزهى إذا أطمعت جوعان لقمة
كأني خلقت الحبّ والحقل والحقلا

تتلمذت لإنسان في الدّهر حقبة
فلّقتني غيّا، وعلّمني جهلا

نهاني عن قتل النّفوس وعندما
رأى غرّة منّي تعلّم بي القتلا!

وذّم إلّي الرقّ ثم استرقّني
وصوّر ظلما فيه تمجيده عدلا

وكاد يريني الإثم في كلّ ما أرى
وكلّ نظام غير ما سنّ مختلا

فصار الورى عندي عدوّا وصاحبا
وأنقسم صنفين علياء أو سفلى

وصرت أرى بغضا ، وصرت أرى هوى
وصرت أرى عبدا ، وصرت أرى مولى

ويا ربّ شرّ خلته الخير كلّه
ويا ربّ خير خلته نكبة جلّى

إلى أن رأيت النجم يطلع في الدجى
لذي مقلة حسرى وذي مقلة جذل

وشاهدت كيف النهر يبذل ماءه
فلا يبتغي شكرا ولا يدّعي فضلا

وكيف يزين الطلّ وردا وعوسجا
وكيف يروّي العارض الوعر والسهلا

وكيف تغذّي الأرض ألأم نبتها
وأقبحه شكلا كأحسنه شكلا

فأصبح رأبي في الحياة كرأيها
وأصبحت لي دين سوى مذهبي قبلا

وصار نبيّ كلّ ما يطلق العقلا
وصار كتابي الكون لا صحف تتلى

فديني كدين الرّوض يعبق بالشذى
ولو لم يكن فيه سوى اللص منسلا

فليست تخوم المالكيه تخومه
وإنّ له إن يعلموا غيرهم أهلا

فكم هشّ للأنسام والنور والندى
وآوى إليه الطير والذرّ والنملا

وكم بعثته للحياة من البلى
قريحة فنّان فأورق واخضلاّ

وأصبح يجلى ((طيفه)) في قصيدة
وفي رقعة أو لوحة ((وهو)) لا يجلى

وديني الذي اختار الغدير لنفسه
ويا حسن ما اختار اغدير وما أحلى!

تجيء إليه الطير عطشى فترتوي
وإن وردنه الإبل لم يزجر الإبلا

ويغتسل الذئب الأثيم بمسائه فلا إثم ذا يمحي ، ولا طهر ذا يبلى!
وديني كدين الشّهب تبدو لعاشق

وقال، وفيها ما يحبّ وما يقلى
فما استترت كيما يضلّ مسافر

ولا بزغت كي يستنير الذي ضلاّ
وليس لها أن تمنع الناس ضوءها

ولو فتلوا منه لتكبيلها حبلا
وديني كدين الغيث إن سحّ لم يبل

أروى الأقاحي أم سقى الشوك والدّفلى
فلم يتخّير في الفضاء مسيره

ولم ينهمر جودا ، ولم ينحبس بخلا
وإن لم أكن كالروض والنجم والحيا

فحسبي اعتقادي أنّ خطّتها المثلى
يرى النحل غيري اذ يرى النحل حائما

وأبصر قرص الشهد اذ أبصر النحلا
وألمح واحات من النخل في النوى

اذا حرف الإعصار من واحتي النخلا
وان أشرب الصهباء أعلم أنني

شربت بشاشات الزمان الذي ولّى
وما همسته الريح في أذن الثرى

وما ذرفت في الليل نجمته الشكلى
وغصّات من ماتوا على اليأس في الهوى

فيا شاربيها هل لمحتم دم القتلى؟
وان مرّ طفل رأيت به الورى

من المثل الأدنى الى المثل الأعلى
فيا لك دنيا حسنها بعض قبحها

ويالك كونا قد حوى بعضه الكلاّ
© 2024 - موقع الشعر