بَكيتُ يا رَبعُ حَتّى كِدتُ أَبكيكا - أبو الطيب المتنبي

بَكيتُ يا رَبعُ حَتّى كِدتُ أَبكيكا "
" وَجُدتُ بي وَبِدَمعي في مَغانيكا

فَعِم صَباحًا لَقَد هَيَّجتَ لي شَجَنًا "
" وَاردُد تَحِيَّتَنا إِنّا مُحَيّوكا

بِأَيِّ حُكمِ زَمانٍ صِرتَ مُتَّخِذًا "
" رِئمَ الفَلا بَدَلًا مِن رِئمِ أَهليكا

أَيّامَ فيكَ شُموسٌ ما انبَعَثنَ لَنا "
" إِلّا ابتَعَثنَ دَمًا بِاللَحظِ مَسفوكا

وَالعَيشُ أَخضَرُ وَالأَطلالُ مُشرِفَةٌ "
" كَأَنَّ نورَ عُبَيدِ اللهِ يَعلوكا

نَجا امرُؤٌ يا ابنَ يَحيى كُنتَ بُغيَتَهُ "
" وَخابَ رَكبُ رِكابٍ لَم يَؤمّوكا

أَحيَيتَ لِلشُعَراءِ الشِعرَ فَامتَدَحوا "
" جَميعَ مَن مَدَحوهُ بِالَّذي فيكا

وَعَلَّموا الناسَ مِنكَ المَجدَ وَاقتَدَروا "
" عَلى دَقيقِ المَعاني مِن مَعانيكا

فَكُن كَما أَنتَ يا مَن لا شَبيهَ لَهُ "
" أَو كَيفَ شِئتَ فَما خَلقٌ يُدانيكا

وَعُظمُ قَدرِكَ في الآفاقِ أَوهَمَني "
" أَنّي بِقِلَّةِ ما أَثنَيتُ أَهجوكا

شُكرُ العُفاةِ لِما أَولَيتَ أَوجَدَ لي "
" إِلى نَداكَ طَريقَ العُرفِ مَسلوكا

كَفى بِأَنَّكَ مِن قَحطانَ في شَرَفٍ "
" وَإِن فَخَرتَ فَكُلٌّ مِن مَواليكا

وَلَو نَقَصتُ كَما قَد زِدتُ مِن كَرَمٍ "
" عَلى الوَرى لَرَأَوني مِثلَ شانيكا

لَبّى نَداكَ لَقَد نادى فَأَسمَعَني "
" يَفديكَ مِن رَجُلٍ صَحبي وَأَفديكا

ما زِلتَ تُتبِعُ ما تولي يَدًا بِيَدٍ "
" حَتّى ظَنَنتُ حَياتي مِن أَياديكا

فَإِن تَقُل «ها» فَعاداتٌ عُرِفتَ بِها "
" أَو «لا» فَإِنَّكَ لا يَسخو بِها فوكا

© 2024 - موقع الشعر