الهوياتُ المجهولة - وحيد خيون

لم تعُدْ عندي لكم أيّ ُ مسرّاتٍ
ولا أيّ ُ سرورْ
كلُّنا في زوبَع ِ الريح ِ رمادٌ
كلُّنا في عاصفِ الريح ِ ندورْ
فلماذا نوهمُ الناسَ بأنّا
لم نزلْ نحنُ الشياهينَ
وما زلنا النسورْ ؟
نحنُ لا نعرفُ للثورةِ لونا ً
فعلى الطفلِ نثورْ
وعلى (الزوجةِ ) نقسو
وعلى الجارِ نثورْ
لم تعدْ فينا الصفاتُ العربيّه
لم يعدْ فينا لسانٌ عربي
لم نعدْ من دمِنا نملكُ شيئاً
لمْ نعُدْ من فمِنا نفهمُ شيئاً
لم يعُدْ فينا سلوكٌ أدبي
خُسِفَتْ في دمِنا كلُّ الموازينِ وعُدْنا
للعصور الجاهليّه
فإذا فتّشتَنا لم تلقَ شيئاًَ
وترى فينا الخلافاتِ
الى حدِّ الحروفِ الأبجديّه
افتِخارٌ
كبرياءٌ
غيبة ٌ
بخلٌ
نفاقٌ
عَصَبيّه
وفسادُ الناسِ معروفٌ
وما نفعلُهُ الأدهى ومجهولُ الهويّه
بعضُنا يبغضُ بعضا
بعضُنا لا يطلبُ الخيرَ لبَعْضْ
فإذا نامَ لهُ جارٌ ينامْ
وإذا ما نهضَ الجارُ نهَضْ
حسداً دأبُ الحَداثاتِ لدينا
مرغمٌ أنتَ بأنْ تجنحَ ذُلاّ ً لأخيكْ
فإذا عضّكَ دعْهُ ليَعَضْ
كلُّنا تحسَبُنا حين ترانا
نسخة ً واحدة ً مخلوقة ً
كي تقتفي نفسَ الغرَضْ
أصبحَ البخلُ دواءً
أصبحَ الكِذ ْبُ مرَضْ
لم يعُدْ فينا لشئ ٍ جاذبيّه
لم يعُدْ فينا لمهموم ٍ سرورْ
كلُّنا في عاصفِ الريح ِ ندورْ
فنُّنا:
أنْ ننبُشَ الماضي
وأنْ نأتي بسلبيّاتِ أصحابِ السنى منا
وأصحابِ الحضورْ
شتْمُنا فنّ ٌ كبيرْ
سبُّنا فنّ ٌ ...
وهل أرقى من اللعنَةِ فنْ ؟
ليسَ في ميزانِنا للشعرِ وزنْ
ليسَ في قيثارِنا للوزنِ لحنْ
حينما لا ينتمي الشاعرُ للفسْق ِ
ولا يرتادُ اصحابَ الفجورْ
لم يعدْ للشِعرِ وجهٌ عربي
لم يعدْ للشِعرِ وجهٌ أدبي
لونُنا صارَ خليطاً
دمُنا صارَ خليطاً
شعرُنا صارَ خليطا
مرّةً نتّخِذ ُ الشاطئَ ربّاً
مرّةً نعبُرُ للهِ مُحيطا
لعنة ُ اللهِ علينا
إنْ يكُنْ هذا الذي ندعوهُ دِينا
لعنة ُ اللهِ علينا
نشتمُ الناسَ لشئ ٍ وهْوَ فينا
أيّ ُ جنسٍ نحنُ يا هذا؟
وهل تحسَبُنا ماءً و طينا؟
كلما أخْرَجَتْ الناسُ لنا عِلْمًا
أتيناهمْ حضاراتٍ و تأريخاً سمينا
هم يدوسونَ علينا بالبساطيل ِ ونحنُ
بينَ أجزاءِ التواريخ ِ تبادَلْنا طنينا
هم ينيكونَ أبانا وأخانا و بنينا
في سجون ٍ كنّ َ بالأمس ِ سجونا
وعلينا نحنُ أن نفرَحَ في عرس ِ أبينا
منْ أبونا نحنُ يا هذا؟
لقد نيكَ أبونا
حرّرونا القومُ من ظلم ِ أبينا
فضلُهُم كانَ كبيراً
و لهم حقّ ٌ بأنْ يغتَصِبونا
لونُنا صارَ خليطاً
حقُّهم أنْ يرسمونا
مثلما أوحى لهم أربابُهم أنْ يرسمونا
فضلُهم كانَ كبيراً
نصرونا
حررونا
خلّصونا
صورة ُ الشِّعرِ التي كنتُ أراها
لم تعُدْ تحلو
وما عادت فنونُ المسْتباحينَ جنونا
لم أعُدْ أعرفُ للشاعِرِ معنى
لم أعُدْ أعرفُ للشِعْرِ فنونا
لم يعُدْ للغزَل ِ السّاحِرِ معنى
لم أعُد أعشَقُ
لا وجهاً
ولا شَعْراً
ولا حتى عيونا
كلما أوقَعْتُ أنْ أكتُبَ شِعراً
قد تذكّرتُ الذينَ اغتصَبونا
لم أعُدْ أعرفُ للشِعْرِ كياناً
لم أعُدْ أفتَخِرُ الآنَ بشئٍ وأُكابرْ
لم يعُدْ يُطرِبُني سعدون جابرْ
لم يعُدْ يُطرِبُني داخل حسنْ
لم تعُدْ أغنِيَة ٌ تأخُذ ُني للناصِريّه
فلقد مزّقني الجاري على أرض ِ الوطنْ
ولقد قطّعَني هذا السّكوتْ
هذهِ السّكرة ُ في تلكَ البيوتْ
أتمنّى الآنَ لو أني أموتْ
ليتني الآنَ أموتْ
ليتني كنتُ ترابا
أيّ ُ شئ ٍ أكثرُ الآنَ عذابا؟
أنْ تموتي ضَحِكاً من لُعْبَةِ الدّهرِ
ونفديكِ رؤوساً و رقابا
أمْ تعيشي كلّ أيّامِكِ رقصاً و اغتِصابا؟
أنْ تطيري والمُحيطاتُ على جنحيْكِ ألواناً
وألوانٌ ....
وألوانُكِ يُمْسِكْنَ كتابا
أمْ تظلِّي تشهدي اللعبَة َ تلوَ اللعبةِ الأخرى
وأمجادُكِ يرقُدْنَ شبابا؟
قدْ تعوّدْنا على الموتِ
فقد مِتْنا على أرضِكِ من قبلُ
وقد مِتْنا بأورُبّا اغترابا
© 2024 - موقع الشعر