أَراعَ كَذا كُلَّ المُلوكِ هُمامُ - أبو الطيب المتنبي

أَراعَ كَذا كُلَّ المُلوكِ هُمامُ "
" وَسَحَّ لَهُ رُسلَ المُلوكِ غَمامُ

وَدانَت لَهُ الدُنيا فَأَصبَحَ جالِسًا "
" وَأَيّامُها فيما يُريدُ قِيامُ

إِذا زارَ سَيفُ الدَولَةِ الرومَ غازِيًا "
" كَفاها لِمامٌ لَو كَفاهُ لِمامُ

فَتىً تَتبَعُ الأَزمانُ في الناسِ خَطوَهُ "
" لِكُلِّ زَمانٍ في يَدَيهِ زِمامُ

تَنامُ لَدَيكَ الرُسلُ أَمنًا وَغِبطَةً "
" وَأَجفانُ رَبِّ الرُسلِ لَيسَ تَنامُ

حِذارًا لِمُعرَوري الجِيادِ فَجاءَةً "
" إِلى الطَعنِ قُبلًا ما لَهُنَّ لِجامُ

تُعَطَّفُ فيهِ وَالأَعِنَّةُ شَعرُها "
" وَتُضرَبُ فيهِ وَالسِياطُ كَلامُ

وَما تَنفَعُ الخَيلُ الكِرامُ وَلا القَنا "
" إِذا لَم يَكُن فَوقَ الكِرامِ كِرامُ

إِلى كَم تَرُدُّ الرُسلَ عَمّا أَتَوا لَهُ "
" كَأَنَّهُمُ فيما وَهَبتَ مَلامُ

وَإِن كُنتَ لا تُعطي الذِمامَ طَواعَةً "
" فَعَوذُ الأَعادي بِالكَريمِ ذِمامُ

وَإِنَّ نُفوسًا أَمَّمَتكَ مَنيعَةٌ "
" وَإِنَّ دِماءً أَمَّلَتكَ حَرامُ

إِذا خافَ مَلكٌ مِن مَليكٍ أَجَرتَهُ "
" وَسَيفَكَ خافوا وَالجِوارَ تُسامُ

لَهُمْ عَنكَ بِالبيضِ الخِفافِ تَفَرُّقٌ "
" وَحَولَكَ بِالكُتبِ اللِطافِ زِحامُ

تَغُرُّ حَلاواتُ النُفوسِ قُلوبَها "
" فَتَختارُ بَعضَ العَيشِ وَهُوَ حِمامُ

وَشَرُّ الحِمامَينِ الزُؤامَينِ عيشَةٌ "
" يَذِلُّ الَّذي يَختارُها وَيُضامُ

فَلَو كانَ صُلحًا لَم يَكُن بِشَفاعَةٍ "
" وَلَكِنَّهُ ذُلٌّ لَهُمْ وَغَرامُ

وَمَنٌّ لِفُرسانِ الثُغورِ عَلَيهِمُ "
" بِتَبليغِهِمْ ما لا يَكادُ يُرامُ

كَتائِبُ جاؤوا خاضِعينَ فَأَقدَموا "
" وَلَو لَم يَكونوا خاضِعينَ لَخاموا

وَعَزَّت قَديمًا في ذَراكَ خُيولُهُمْ "
" وَعَزّوا وَعامَت في نَداكَ وَعاموا

عَلى وَجهِكَ المَيمونِ في كُلِّ غارَةٍ "
" صَلاةٌ تَوالى مِنهُمُ وَسَلامُ

وَكُلُّ أُناسٍ يَتبَعونَ إِمامَهُمْ "
" وَأَنتَ لِأَهلِ المَكرُماتِ إِمامُ

وَرُبَّ جَوابٍ عَن كِتابٍ بَعَثتَهُ "
" وَعُنوانُهُ لِلناظِرينَ قَتامُ

تَضيقُ بِهِ البَيداءُ مِن قَبلِ نَشرِهِ "
" وَما فُضَّ بِالبَيداءِ عَنهُ خِتامُ

حُروفُ هِجاءِ الناسِ فيهِ ثَلاثَةٌ "
" جَوادٌ وَرُمحٌ ذابِلٌ وَحُسامُ

أَذا الحَربِ قَد أَتعَبتَها فَاِلْهُ ساعَةً "
" لِيُغمَدَ نَصلٌ أَو يُحَلَّ حِزامُ

وَإِن طالَ أَعمارُ الرِماحِ بِهُدنَةٍ "
" فَإِنَّ الَّذي يَعمَرنَ عِندَكَ عامُ

وَما زِلتَ تُفني السُمرَ وَهيَ كَثيرَةٌ "
" وَتُفني بِهِنَّ الجَيشَ وَهُوَ لُهامُ

مَتى عاوَدَ الجالونَ عاوَدتَ أَرضُهُمْ "
" وَفيها رِقابٌ لِلسُيوفِ وَهامُ

وَرَبّوا لَكَ الأَولادَ حَتّى تُصيبَها "
" وَقَد كَعَبَت بِنتٌ وَشَبَّ غُلامُ

جَرى مَعَكَ الجارونَ حَتّى إِذا اِنتَهَوا "
" إِلى الغايَةِ القُصوى جَرَيتَ وَقاموا

فَلَيسَ لِشَمسٍ مُذ أَنَرتَ إِنارَةٌ "
" وَلَيسَ لِبَدرٍ مُذ تَمَمتَ تَمامُ

© 2024 - موقع الشعر