أرى الدهـر - ناصر محمد الفراعنة

أرى الدهر أقبل لي ثم أدبرْ
فأصغر من كان بالأمس أكبرْ

فليس ل(قسِّ إيادٍ) بهِ
سميعٌ وليس ل(سحبان) منبرْ

إذا السمر سمر القنا لم تهزُّ
بمثل (أبي كرِبٍ) أو ب(عنترْ)

رنَت للعبيدِ نساء الملوك
وأنكحُ فأر السرايا غضنفرْ

عفى الله عن أمَةٍ أنكرتني
وإني لخير بني نجد مشجَرْ

سليل سباعٍ طويل ذراعٍ
كميّ نزاعٍ وإبليس أعورْ

أيا أمَة الله لا تعجلي
قلَنْسَوَةُ المجد أنقى وأطهرْ

فإن تنكروني لما أسبغوهُ
عليكم ذوو الملك في كل معمَرْ

فنحنُ حمينا حمى جدّكم
وقد حُمِلَ الجمع منكم فأدبرْ

بيومٍ عصيبٍ لأمرٍ مريبٍ
ووأد حبيبٍ بهٍ العمرُ أقصرْ

وهدم قبابٍ وقصف رقابٍ
وكشف حجابٍ كيومٍ ب(خيبرْ)

وكنا لكم ملجأً يُحتمى
بهِ حين تُضرَمُ حربٌ وتسعَرْ

وكم من بني أمّنا نحتميهِ
على مثل جنح العقابين أكدرْ

وإنا لنهرعُ في نصرهم
إذا الحربُ هلّل يوماً وكبّرْ

ووالله ما هرعوا مرّةً
لنصرتنا وبنو العمّ أخبرْ

كيوم (السبيّة) من حوضهِ
شربنا وغادية الموت تمطرْ

فعدنا ومعنا رؤوس الملوك
وعادوا بكل جمانٍ و مرمرْ

وب(بن عريعرَ) من (راجحٍ)
حساماً سقته المنايا بأحمرْ

وَ جُدنا بأرواحنا دونهم
بيوم (الرضيمة) والحق أظهرْ

بني أمّنا ما ذخرتم لنا
سوى السوء والسوء بالسوء أجدرْ

بني أمّنا ما فعلتم بنا؟
أغرّكم الحكم؟ والحكم أعسرْ

فإن تزرعوا فتنةً بيننا
خسرتم,وفي جمعنا الذلّ سيطرْ

ولستم بأرفع منا عماداً
وأورى زناداً وأكرم معشرْ

سقى الله من وردة الكهفِ معشرْ
وللحكم سيفٌ وللمجد دفترْ

ألا أيها المُرتضى كيف لي
بها وهي بين نكيرٍ ومنكرْ؟

أشابت ذؤابتنا أمها
فشالت نعامتنا يوم (قرقرْ)

وكنا نشابهُ في قربنا
من الجسمِ بنصر كفٍّ وخنصرْ

فيا ويلتاهُ ويا سؤأتاهُ
أتصبحُ (وردة) بعدي ل(لأشترْ)

ويا ويلتاهُ ويا سؤأتاهُ
وكنت أرى الدهر مسكاً وعنبرْ

ويا ويلتاهُ ويا سؤأتاهُ
أشارك سالمَ في (ورد) جُحدرْ

ويا ويلتاهُ ويا سؤأتاهُ
أرى عزم (وردة) بعدي تقهقرْ

ويا ويلتاهُ ويا سؤأتاهُ
أزبّاء تحكمُ في عرش (تدمرْ)

ويا ويلتاهُ ويا سؤأتاهُ
وللضرب سيفٌ وللطعن خنجرْ

أراقوا كرامة من لم يرِقْ
كرامتهُ جند كسرى وقيصرْ

فيا ويلتاهُ ويا سؤأتاهُ
لذي مرّةٍ كسرهُ ليس يجبرْ

ولو أنّ (وردة) قد ساندتهُ
على أمّها كان في خير مظهرْ

ولكنّ (وردة) ظبيٍ خجولٌ
وكم خجلٌ فيه تشويه منظرْ

وقد كنت أقسم لا أنثني
جميعاً ومن أنذر القومَ أعذرْ

بسيفٍ وسيمٍ كوجهِ الهلال
ورمحٍ كأشطان بئرٍ ب(بنجرْ)

وجاهٍ بهِ من بني دارمٍ
وفرسان قيس بن عيلان محضرْ

ومن كندةٍ وبني حِمْيَرٍ
إذا أورد البين أمراً وأصدرْ

ومن بكر وائل شيبانها
وأشراف مكةَ في ألف دوسرْ

ومن عامرٍ وسبيعيّها
وحوشاً من الوحش أسطى وأزئرْ

وأنفُ بجيلةَ مع تغلبٍ
وأهل اليمامة والشأن أعفرْ

ومن سبأ همَدَان جميع
ومن أزدِها كل أعمى ومبصرْ

وكل قضاعةَ والعالمين
فلله قدّرَ بل كيف قدّرْ

ولكن رمحاً رمتهُ أمّها
علي أصاب من الظهر أبهرْ

سقى (الأخْيَلِيّةَ ليلى) السحاب
على ما تغنّتهُ ب(بن الحميّرْ)

وقد كان توبةُ في قومها
صعيليك قومٍ بدرعٍ ومغفرْ

وعند(معاويةٍ) فاخرت
ب(توبةَ) كل كبيرٍ وأكبرْ

وقد كان (توبة) من أهلها
بعيداً قريباً فكان المظفّرْ

أيا (وردة الكهف) مهلاً فُدِيْتِ
بكل عظيمٍ وغَمْرٍ تنمّرْ

وكيفَ سبيتِ فؤاداّ جماداً
وقد كان غيركِ يا (وردُ) أشطرْ؟

ألا ليت لي في طُوَيْقٍ طريق
إليكِ ولي بين ثنتين معبرْ

فزعتُ إلى حبّك المصطفى
أسوق المطيّ وأجري وأعثرْ

فعدتُ كمن عاد مِن غربةٍ
إلى أهلهِ بعد عقدٍ وأكثرْ

وقد نزعَ البين من بينهم
نزاعاً فطارَ غرابٌ وصرصرْ

فلم يلقَ في الربع من أهلهِ
جديداً ولا من دُمى الرسمِ أخضرْ

سوى الدود يأكلُ من أهلهِ
بقاياً بها عسكرُ الموتِ دسكرْ

لقد صابهم من بني عمهمْ
مصابٌ فأبيضهُ اليوم أسمرْ

فأصبحَ تسمعُ في صدرهِ
نواحَ حمامٍ على سور بندرْ

© 2024 - موقع الشعر