شبابيك .. آن لها أن تُفتح

لـ منى بنحدو، ، في غير مُحدد، آخر تحديث

شبابيك .. آن لها أن تُفتح - منى بنحدو

إنصت…أيّها المزمّل بكلّ أغطية الصّمت.
إنصت لأنّات اللّيل المتسلّل خفية من غرف الدّموع.
فربّما.
ربّما يأتيك من خلف سياج هذه الّليلة, صوتي المبّلل.
ربّما تكسّر كما الخطايا, وأبطال الحكايات,
عند شبّاك غرفتك البعيدة.
 
سيدة الحزن البري أنا…
و جع الصحراء البدوي
كلّ نسيج الأضداد أنا.
وأنت كلّ .. كلّ أضدادي.
 
أحيانا.
تتشعب الذكريات
ترتجف اللحظات
نمتلأ حينا بالأوراق…و برقص الكلمات
أحيانا.
حين يجفّ فتيل الشّمعة من زيت الحكايات..
 
ولكنّنا كما يحدث في خرافات العشق المسليّة
نلمع كخيط ضوء
وينفخ اللّيل وعودا ….فأبكي من الوجد.
أسلّى بتقليب الصور القديمة.
دون أن أراها.
وحين ألفّها صدري
اسمع صوتك …
صوتك يصهل من بعيد.
أحيانا…
فهذا لا يحدث كلّ الوقت معي.
 
هل فتحوا شبابيك الكلام مع الرّبيع ؟
هل آن ميعاد الشكاوى الملحّة ؟
هل سمحوا بتقبيل الياسمين من جديد ؟
هل أطلقوا ألوان الأقحوان ؟
هل عاد رسل اللّيل بخبر من موانئ الأنين ؟
يا كلّ هذا الصمت المريب
يا كلّ هذا الذي يشاركني وحدتي ولا أراه.
 
الآن
إحساس لذيذ كرّمان حامض.
يدغدغ طرف الحسّ
يلمّ ألواح الشّفتين واللّسان.
الآن, الآن…
أسمعها´تهمّ بي من كلّ فجّ..
أسمعها …
هذه الألحان… تتجمّع من هناك
 
من عند التل الأخير لمملكة الضياء
الآن …الآن .
ربّما جاء موتي كفارس نبيل..
يمتطي حصان الحكايا البيض.
الآ…الآن.
أنصت…
ربّما سيزف نبأ موتي بصوت خافت.
فتتجمّع من دّموعهنّ
صبايا مملكة الصمت الحزينات
حبّات من الندى السحريّ
تسّاقط بعدئذن, حبّات مطر لامع.
كريات من الضّوء في دموع السّماء .
 
أنصت.
لا شيء من جديد.
غير همهمة الأشجار
تتململ من طيش العصافير
وهي تشحذ مناقيرها
قبل أن يباغت الفجر القريب مخابئها.
 
أنصت.
لا شيء…
غير خرير عمر ينساب صوب النهر
أنصت…
لا شيء…
غير صوت البحر في الصّور المبعثرة فوق السّرير
أنصت.
لا شيء…
كلّ السّفن جمّعت حبالها من زمن بعيد…
 
أسير…
كأنّني أسير.
أرشّ المسك والعنبر
وأقدّم القربان …لعشتار
كما يليق بأميرة منام فاجأها الصحو.
علّها تقبل
علّها تسمع النداء
علّها تستجيب
 
آه كم صعب أ ن نمتحن الآن
وفي كلّ هذه اللحظة الأزليّة.
علام لا تأخذني بزجرة منك.
علام لا تسكتها كلّ الأصوات ؟
علام لا تأتي
لأغادر كل الأشياء
وأعيد توزيع أسماءك ؟
 
أسمّي وعود عينك الأرض
وصوتك…أسمّيه أهزوجة الرّيح والّنار
يا كم تلهب نيرانك روحي وتحييها
ويا كم كلّ الأرض فيك تقتلني و تطفئني.
 
إمنحني موانئ الرّحيل الأبديّ.
بي عطش للسّفر.
بي عطش لترك الأشياء مبعثرة…
هكذا …كما هيّ …تماما.
بي عطش أن أخترق كلّ هذه العتمة.
وأن أخلع كلّ أبواب الصّمت الدّفين
وأن…يا وأن….يا كم بي عطش.
أن أفجّر نبع الدّفء والبدايات…
أن أكسر كلّ صناديق الصّمت.
أن أفتح كلّ الشبابيك المغلقة.
ليعود اخضرار السنين.
© 2024 - موقع الشعر