نشيد الحب

لـ محمد غنيم، ، في غير مُحدد

نشيد الحب - محمد غنيم

هي
هناك .. انتظرني
عند المنحني
بعيدا
حيث لا شيء سوي ضوء القمر
نتحدث لغة أخري
لا يفهمها أحد
 
هو
أنا لا أعرف أية لغة سوى التي أفهمها
وأعبر عنها بكلمات
تبقى محفورة بين ضفاف الأوراق
أقراها منذ الميلاد الأول
منذ ولدت وعرف ثغري حلمة الثدي
واحتضنته بين شفتي
وأداعبه فيجود
وأدس فيه أنفاسي الدافئة
فأشعر فيه بالنبض
واشعر بارتعاشه الصدر
ودقات النبض
كان هذا حديثي الأول
"كانت هذه أولى الكلمات "الرشف
هي
دعوتي هى التي حركت الكلمات في رأسك
ردتك إلى أصل الأصل
يا ملهما رفقا بعقلي
انتظر حتى المساء حتى اجىء
من بين أحضان الزهور
من بين حبات المطر
من آهة الناي الحزينة
من بين كفي القدرهو
انتِ فى أعماقي
فى نن العيون
فى قلبي المتقلب
المفعم بالشجون
انتي في الأحداق
فى ظلى وشوقي
فى سكون الليل
فى طي الظنون
مرسومة على أوراقي حروف
وشًما على جلدي
على ابتساماتي
على كل المضامينهي
انتظرني هناك
خلف شباكي
لا تدعني .. اسكب العبرات
علي أوراقي
إني مللت الصبر.. والصمت والأشواقهو
انتظرتك حتى مر اليوم
حتى مر العمر
ولم تأتِ
قتلت الوقوف كل الوقوف
حطمت فى عقلي كل الغابات
والمساحات والمسافات
وبقيت خلف جدران الحدود
أرقب الحراس ليلا ونهارا
علهم في هدأه الليل يهجعونهي
ليتني أستطيع
ان انزع القلب من بين الضلوع
ان انزع الدر من الأحشاء
كي أصوغ الزهر فى عناقيد الدموع
ليتنى أستطيع
ان أبحر فى مساء الليل
امتطى البحر
واسبح فى سماء بلا أجنحة
وازرع الخطى بين الربوعهو
إنى أسير على هواكِ بلا قيود
بلا سيقان
متخطيا كل الظروف
ظروف الزمان والمكان
وعلى نهايات الحروف
عيناى لا تريان
تسير فى متاهات العيون
لا ترى سوى ضوء الابتسامة
خارجتان عن وجهي
مرسومتان على أجنحة الطير
فى البومات الصور
فى رقرقات الجداول
في زبالات المصابيح
وفى طرقات الاستقامةهي
تحرك ليلى الساكن
وتنزع منى الآهات
وفى الصبح تبنى على شفتي
أجمل الأبيات
وتنزعني من طيفي
ومن خوفي
ومن نفسي
ومن روحي
ومن فراشي
وتنزع الأشواك من حلقي
فالشوك فى الًمًقل
وفى عقل الأصابع
وفى حساء العامة
وفى المضاجع
هو
اخترتك من بين بنات الدنيا
لا شرقية ولا غربية
اخترتك من بين ثنايا الفجر
ألبستك ثوب الحرية
ووضعتك بين ضلوعي نقاباَ
وبين الأجفان دموع
ووقفت أدافع وحدي عن رسمي
فى زمن لا يقتات سوى الجوع
إننا في زمن الجوع
الجوع إلى القتل
والي فتل شواربه
والاختباء في اسيجة الذقن
وفي الشالات البيضاء .. وفي التخمات
ووراء تماثيل الحريةهي
وأنا جعلتك شالاً أتلفح به
أطليه بلون ازرق كي يخبو نوري
أبنيه حوائط صد
كي أحمى نفسي من أنياب الغيلان
وأبصرتك قنديلا يهديني فى الظلمات
حضنا دافئاً في ليل الغربة
شمسًا في برد الوحدة
خلف حدود بلاد النور
والحرية
والتماثيل
والأبراج المرمرية
والطرق المرصوفة
والمراقص
والأنوار الباهرة التي تخطف
الأبصار الحسيرة
تتكدس أكوام الذرة
والنابلم والمواد الحارقة .. لماذا؟
لا أعرف
ولكني اعرف ان هناك آلاف الأسئلة المحيرة
من أجل ذلك اكتفيت بإجابة مبتورة لنفسي
لتعوضني عن الحيرة
هو ان الآفة.تبحث عن العائل الوسيط لتحيا
والعائل هو الإنسان
الذى لم يفسح مكان لباقي المخلوقاتهو
لا تنسَي أن الدنيا ليست كلمات حلوة
وأن العالم يأكل لحم الأحياء
و القملة لا تسكن إلا رأسا قذرة
والنظرة مختبئة تتواري فى ظلمة
وتجوب الدنيا من مشرقها إلي مغربها
مختبئة لا تفصح عن فحواها
تنظر للقتلى .. للدم.. للأشلاء
في بلاده
للأطفال فى الأرحام
في الألغام
سفاحا كانوا أو سادة
يحتسون فناجين القهوة
والفودكا والشمبانيا
ويضاجعون الوسادة
وينامون على نقيق الضفدع فى الأطباق
ويأكلون طبيخ الأوراق
ويرتشفون حساء الأثداء
ويلعقون دماء ضحاياهم
ككلاب ضالة
يراقصون الأشباح
في الأضواء الزرقاء
ونحن لا نملك الا ان نتقيأ فوق الأشلاء
ونبكى الأشلاء المرتعشة
أولاد الكلب
من جاءوا للدنيا سفاحا
لن تكفيهم مائدة الأحياءهي
فلننأى عن هذا العالم
ونبني بيتا فوق الهامش
بعيدا خلف عيون الرقباء
قد أصبح هذا العالم كرة
أصغر مما نتخيلها
الهامش فى القلب والقلب فى الهامش
والقوقعة ما عادت تحمينا
والأسيجة الخضراء اقتلعت
وتقلصت مساحات الخير
والأيدي الآثمة شوهت الرسم
والفرشاة آكلتها القرضة
ونسيت ان مهمتها التلوينهو
آه يالؤلؤتى يا وطني الجديد
لا أملك خطوا أخطوه إليك
لا أملك حضننا
لا أملك بسمة
لا أملك كلمة
فأنا مسلوب من نفسي
أخوض بحارا بلا سفن
وأحيا بلا زمن بلا ثمن
فماذا نفعل ؟هي
العودة
أعود إلى سمتي الأولى طفلة
يربطني حبلا سريا بالأم
لا تخنقه أيد ملعونة
تدفعنا إلى عالم يدعونا كي نتحضر
مارين على أشلاء الفطرة
ونقذف فى بحر النسيان
ما جاء على السنة الرسل
فحشرنا فى هذا الكوب آلات صماء
شئنا أو لم نشأ شئنا أو لم نشأ
لا نملك جسمينا .. لا نملك روحينا
تحكمنا غرائز عمياءهو
والحل هي . لا حلهو
هل نترك نفسينا للأهواءهي
نحاول ان نرفع عن أنفسنا هذا القهرهو. سنحاول لكن بأي الأشياءهي. بالحبهو
أحببنا أنفسنا فنسينا
ونسينا ان في هذا شركاء
ورغبنا فى الاستحواذ على قوت الغير
بالقوة
بالحيلة
بدهاء الجبناء
وعشقنا سارتر وشكسبير
واينشتاين وميكافللى
ونسينا ما انزل الله على لسان الأنبياءهي
لم ننسَ .. لكنا تناسينا
فما يهم صناع الخمر
وصناع الحرب
وصناع الأفيون
وصناع الجنس
وصناع الظلم
وصناع القهرهو
أن نتحول فى أيديهم لعبة
تتقاذفنا أمواج الأهواء
وتسير مراكبنا بلا قبطان
ويصير الإنسان..لا إنسانهي
يا حلمي القادم يا سكني
يا وردة حلمي
يا خيط النور الظاهر
من بين ظلام النفس
يا طفلي القادم من أحشاء الظلمةهو
يا عقلي المحفوظ فى جمجمة صلبة
فلتصرخ فى الأموات، صرخات أعلى
ثم صرخات
حتى يتفجر رحم الأرض
من صرخات الأمواتهي
فلتحيا يا حبي
كي تحبو فوق الصمت
كي تحفر بأصابعك الغضة
جدران الصمت
وتخربش فى الوجدان
فى الأمواج
في الضمائر
فى عيون الفجر
في زخات المطر
فى الحجر
فى مشاوير الحيارى
فى ليالي النشوة
فى أنامل الجميلات
في مناديل الورق
فى مسا مات العرق
فلتحيا ياحبي
فى دفاتر التلاميذ
في البومات الصور
وفوق أوراق الموائد
فى العيون وفي الحنايا
وفوق أوراق الجرائد
وفى المساحات والحدود
وفوق الخرائط
فلتحيا يا حبي
فى الضحى والليل
في التين والزيتون
فى الليل إذا يغشى
وفى النهار إذا تجلي
فى الذكر والأنثى
وفى منازل القمر
فى الهلال
وفى المحاق
وفى البدر إذا اكتملهو. ما أجمل قول الحب علي شفتيكهي
يا طفلي القادم من أحشاء الظلمة
اخرج للنور اخرج للحب
© 2024 - موقع الشعر