ذي المَعالي فَليَعْلُوَن مَن تَعالى - أبو الطيب المتنبي

ذي المَعالي فَليَعْلُوَن مَن تَعالى "
" هَكَذا هَكَذا وَإِلا فَلا لا

شَرَفٌ يَنطِحُ النُجومَ بِرَوقي "
" هِ وَعِزٌّ يُقَلقِلُ الأَجبالا

حالُ أَعدائِنا عَظيمٌ وَسَيفُ ال "
" دَولَةِ اِبنُ السُيوفِ أَعظَمُ حالا

كُلَّما أَعجَلوا النَذيرَ مَسيرًا "
" أَعجَلَتهُمْ جِيادُهُ الإِعجالا

فَأَتَتهُمْ خَوارِقَ الأَرضِ ما تَح "
" مِلُ إِلا الحَديدَ وَالأَبطالا

خافِياتِ الأَلوانِ قَد نَسَجَ النَق "
" عُ عَلَيها بَراقِعًا وَجِلالا

حالَفَتهُ صُدورُها وَالعَوالي "
" لَيَخُوضَنَّ دونَهُ الأَهوالا

وَلَتَمضِنَّ حَيثُ لا يَجِدُ الرُم "
" حُ مَدارًا وَلا الحِصانُ مَجالا

لا أَلومُ اِبنَ لاوُنٍ مَلِكَ الرو "
" مِ وَإِن كانَ ما تَمَنّى مُحالا

أَقلَقَتهُ بَنِيَّةٌ بَينَ أُذنَي "
" هِ وَبانٍ بَغَى السَماءَ فَنالا

كُلَّما رامَ حَطَّها اِتَّسَعَ البَنْ "
" يُ فَغَطّى جَبينَهُ وَالقَذالا

يَجمَعُ الرومَ وَالصَقالِبَ وَالبُل "
" غَرَ فيها وَتَجمَعُ الآجالا

وَتُوافِيهِمِ بِها في القَنا السُمْ "
" رِ كَما وافَتِ العِطاشُ الصِلالا

قَصَدوا هَدمَ سورِها فَبَنوهُ "
" وَأَتوا كَي يُقَصِّروهُ فَطالا

وَاِستَجَرّوا مَكايِدَ الحَربِ حَتّى "
" تَرَكوها لَها عَلَيهِمْ وَبالا

رُبَّ أَمرٍ أَتاكَ لا تَحمَدُ ال "
" فُعَّالَ فيهِ وَتَحمَدُ الأَفعالا

وَقِسِيٍّ رُميتَ عَنها فَرَدَّت "
" في قُلوبِ الرُماةِ عَنكَ النِصالا

أَخَذوا الطُرقَ يَقطَعونَ بِها الرُس "
" لَ فَكانَ اِنقِطاعُها إِرسالا

وَهُمُ البَحرُ ذو الغَوارِبِ إِلا "
" أَنَّهُ صارَ عِندَ بَحرِكَ آلا

ما مَضَوا لَم يُقاتِلوكَ وَلَكِنْ "
" نَ القِتالَ الَّذي كَفاكَ القِتالا

وَالَّذي قَطَّعَ الرِقابَ مِنَ الضَر "
" بِ بِكَفَّيكَ قَطَّعَ الآمالا

وَالثَباتُ الَّذي أَجادوا قَديمًا "
" عَلَّمَ الثابِتَينِ ذا الإِجفالا

نَزَلوا في مَصارِعٍ عَرَفوها "
" يَندُبونَ الأَعمامَ وَالأَخوالا

تَحمِلُ الريحُ بَينَهُمْ شَعَرَ الها "
" مِ وَتُذْرِي عَلَيهِمِ الأَوصالا

تُنذِرُ الجِسمَ أَن يُقيمَ لَدَيها "
" وَتُريهِ لِكُلِّ عُضوٍ مِثالا

أَبصَرُا الطَعنَ في القُلوبِ دِراكًا "
" قَبلَ أَن يُبصِروا الرِماحَ خَيالا

وَإِذا حاوَلَت طِعانَكَ خَيلٌ "
" أَبصَرَت أَذرُعَ القَنا أَميالا

بَسَطَ الرُعبَ في اليَمينِ يَمينًا "
" فَتَوَلّوا وَفي الشِمالِ شِمالا

يَنفُضُ الرَوعُ أَيدِيًا لَيسَ تَدري "
" أَسُيوفًا حَمَلنَ أَم أَغلالا

وَوُجوهًا أَخافَها مِنكَ وَجهٌ "
" تَرَكَت حُسنَها لَهُ وَالجَمالا

وَالعِيانُ الجَلِيُّ يُحدِثُ لِلظَن "
" نِ زَوالاً وَلِلمُرادِ اِنتِقالا

وَإِذا ما خَلا الجَبانُ بِأَرضٍ "
" طَلَبَ الطَعنَ وَحدَهُ وَالنِزالا

أَقسَموا لا رَأَوكَ إِلاّ بِقَلبٍ "
" طالَما غَرَّتِ العُيونُ الرِجالا

أَيُّ عَينٍ تَأَمَّلَتكَ فَلاقَت "
" كَ وَطَرفٍ رَنا إِلَيكَ فَآلا

ما يَشُكُّ اللَعينَ في أَخذِكَ الجَي "
" شَ فَهَل يَبعَثُ الجُيوشَ نَوالا

ما لِمَن يَنصِبُ الحَبائِلَ في الأَر "
" ضِ وَمَرجاهُ أَن يَصيدَ الهِلالا

إِنَّ دونَ الَّتي عَلى الدَربِ وَالأَح "
" دَبِ وَالنَهرِ مِخلَطًا مِزيالا

غَصَبَ الدَهرَ وَالمُلوكَ عَلَيها "
" فَبَناها في وَجنَةِ الدَهرِ خالا

فَهيَ تَمشي مَشيَ العَروسِ اِختِيالاً "
" وَتَثَنّى عَلى الزَمانِ دَلالا

وَحَماها بِكُلِّ مُطَّرِدِ الأَك "
" عُبِ جورَ الزَمانِ وَالأَوجالا

في خَميسٍ مِنَ الأُسودِ بَئيسٍ "
" يَفتَرِسنَ النُفوسَ وَالأَموالا

وَظُبىً تَعرِفُ الحَرامَ مِنَ الحِلْ "
" لِ فَقَد أَفنَتِ الدِماءَ حَلالا

إِنَّما أَنفُسُ الأَنيسِ سِباعٌ "
" يَتَفارَسنَ جَهرَةً وَاِغتِيالا

مَن أَطاقَ اِلتِماسَ شَيءٍ غِلابًا "
" وَاِغتِصابًا لَم يَلتَمِسهُ سُؤالا

كُلُّ غادٍ لِحاجَةٍ يَتَمَنّى "
" أَن يَكونَ الغَضَنفَرَ الرِئبالا

© 2024 - موقع الشعر