قامت تناوح من ثكل بواكيها - عواد برد

قامت تناوح من ثكل بواكيها ... فقمت من فيض أشعاري أعزيها
أبصرتها في ممر الدهر تائهة ... تشكو الكلال وترجو من يواسيها
تشكو الليالي فطول الهم أرقها ... وقد سقاها من الأحزان ساقيها
تكحلت بسهاد الليل واعتجرت ... ببردة الهم تنشرها وتطويها
واحدودب الظهر من آلام محنتها ... مذ اصبح الدهر بالأرزاء يرميها
أسمالها رثة والعين باكية ... وقد صلاها بنار الهم صاليها
فانهد كاهلها من هول ما رسمت ... يد الزمان .. وقد شابت نواصيها
صفاتها كثرة يكفيك مختصرا ... ان ليس شئ من الدنيا بايديها
سألتها وهجير الصمت يلفحني ... ناشدتها أن تبين اليوم ما فيها
أين البنون .. ويا أماه هل جنحوا ... نحو العقوق .. وهل زادت ملاهيها
وأين روضتك الفيحاء يا أملي ... وبلبل العز يشدو في مغانيها
هل أقفرت دراكم من بعد رونقها ... وهل نعاها من الغربان ناعيها
ناشدتك الله .. ان تحكي ولا تهني ... لكي أبلغ قاصيها ودانيها
فالشعر ديوان تاريخ .. ودفتره ... يصول في سالف الدنيا وتاليها
شعري لجيدك يا اماه ( عقد هدى ) ... من اللآلئ فاختالي به تيها
تلألأ الدمع في عيني محدثتي .... وأرسلت بجواب من مآقيها
وزفرة من هشيم الروح تبعثها ... ودمعة ببنان الكف تخفيها
ولملمت من شتات الفكر ( دفترها ) ... وافتر ثغر عن العقيان في فيها
تقول .. يا فجر آلامي ويا أملي ... مصيبتي .. جاوزت شيئا يدانيها
قد صفقتني رياح الحزن واصطفقت ... هوج المآسي على كبدي تباكيها
فهل سمعت بنار زادها وهجا ... ماء من العين .. توريه فيذكيها
أواه .. زفرة هم لو تعالجها ... صم الجبال لدكت من أعاليها
في ليلة من ليالي العز يا ولدي ... زففت للنصر في أزكى لياليها
فأنجب ( النصر ) أبطالا وهيأهم ... لنصرة الدين في شتى نواحيها
تطوي فيافيها .. غرًٌََُ محجلة ... يقودها ( النصر ) لجما في نواصيها
كانوا رجالا وكان ( النصر ) يا ولدي ... يوجه القوم للأعداء توجيها
سل ( خالدا ) عن صليل السيف كيف غدا ... على ( القياصر ) دلالا يناديها
وسل ( صلاحا ) ففي حطين ملحمة ... من الدماء وقد سالت نواحيها
وسل ربى ( عين جالوت ) فقد شهدت ... معارك ( النصر ) في اسمى معانيها
كم دحرجت تحت أقدامي ( رؤوس ورى ) ... تبغي ودادي فذا أقصى أمانيها
مات الاكارم وانسابت مآثرهم ... تحت التراب .. فصرت اليوم أرثيها
مات ( الرشيد ) فما عين تمر على ... ذكر ( الرشيد ) فتخطي في مجاريها
ومات ( معتصم ) أواه ... يا ولدي ... من للحرائر في أقصى أراضيها
ماتوا جميعا ومات ( النصر ) يا أملي ... سقاهم الله غيثا من غواديها
لم يبق من عهد أمجادي سوى طلل ... ما ظل من رسمها إلا أثافيها
أؤلئك الغر .. أبنائي و قد نصبوا ... بيارق ( النصر ) في أعلى روابيها
رزئت في فقد أبنائي .. ووا أسفا ... خلفت بعدهم ( حمقى ) ( مسافيها )
ففتيتي اليوم ( صرعى ) لا خلاق لها ... ( سود صنائعها ) (حمر لياليها )
فانفض يديك من الدنيا فلست ترى ... إبنا رحيما ولا بنتا ترجيها
غدر .. وشح .. وأخلاق ملفقة ... ويلبسون التقى زورا و تشويها
جلودهم مثل لين الخز ملمسها ... على قلوب .. بعيدات مراسيها
يبغون صيدا .. ( وبعض )الناس يا ولدي ... تدثروا بدثار الدين تمويها
(لؤم الذئاب ) على ( جلد النعاج ) فما ... يستأمنون إذا صكت غواشيها
أرسلتها في مهب الريح أحجية ... وصاحب الدار أدرى بالذي فيها
لن تفلح اليوم ( ياولداه ) أمتكم ... ما دام يحصدها ( خبث ) ويذريها
إلا إذا إعتصمت بالله خالقها ... وقد حداها ( لنهج الله ) حاديها
إلا إذا خضعت لله آمرها ... إذا دعاها لبذل النفس داعيها
قلت ابشري .. أملي خيرا .. فيا أملي ... سيبزغ الفجر مهما امتد داجيها
مسيرة الخير يا أماه مقبلة ... أما ( الكلاب ) فقد خابت مساعيها
بصحوة بارك الرحمن وجهتها ... وهمها طاعة( الجبار ) باريها
تمسكت بكتاب الله رائدها ... فليس شىء من الدنيا سيثنيها
ستحطم الكفر في أقصى أرومته ... وتنشد النصر من ألحان أيديها
ودعتها ودموع العين .. واجمة ... من أن أموت قبيل النصر يأتيها
هذي نوازف قلبي واحتراق دمي ... أبديتها اليوم تذكيرا وتنبيها
غردت فيها بما أسطيع من وتري ... من أجل أمتنا .. من فرط حبيها
وأسأل الله ربي رفع رايتها ... حتى تزغرد في شعري قوافيها
© 2024 - موقع الشعر