مسلم يخاطب الكون - عايض القرني

قف في الحياة ترى الجمال تبسما
والظل من ثغر الخمائل قد همى

وشدت مطوقة العروس ورجعت
وترعرع الفنن الجميل وقد نما

وسرى النسيم يهز عطف عبيره
والماء في عطف الجداول تمتما

وتفتح الأزهار واعتنق الندى
هدر الغدير وكان قبل ملثما

والنبت قد شق الثرى فعيونه
فاقت إلي ضوء تألق في السما

والشمس أرسلت الأشعة في الفضا
بددا وقبلت الجليد فهمهما

وسرت طيور القاع تنشد في الربا
بيت القصيد سعادة وترنما

والنحل قد ترك الخلية مولعا
برحيق زهر ظل يسكب في اللما

وفراشة البستان ألقت نفسها
في سندس فوق البطائح وسما

وبكى الغمام من الفراق مشامت
في الأرض يضحك ترحة وتلوما

وتطاولت شم الجبال ونافرت
قمم التلال فلم تكن أبدا كما

والمؤمن اطلع الوجود مسلما
أهلا بمن حاز الجمال مسلما

فجثت لطلعته الجبال وأذغنت
إذ كان منها في الحقيقة أعظما

وقد اشرأبت كل كائنة له
فكأنه ملك يسير معلما

ورأي الحياة بنظرة قدسية
وبها إلي عز المهيمن قد سما

كشف الحجاب عن الغيوب فأشرقت
سبل الهداية قبله فتقدما

عرف الحقيقة واستنار بنورها
فتراه في عمق التفكر ملهما

في كل ماثلة تمر بعينه
عبر تعرفه الإله الأعظما

حبل الرجاء غدا به متمسكا
أنعم بحبل قط لن يتصرما

أتري الجمال بغير منظار التقي
حسنا ولو ملكت يداك الأنجما

أتظن أن الأنس يسكن برهة
قلبا ولم يك في الحقيقة مسلما

لا والذي جمع الخلائق في مني
وبدا فأعطى من أحل وأحرما

ما في ربوع الكون أجمل منظر
من مؤمن للسعد جد ويمما

إن مت يا جامي الحياة فإنما
هي نقلة تلقى حياة أوسما

في ظل رب كنت قد وحدته
تلقاه في الأخرى أبر وأكرما

بل كيف ترحل والحياة تقودها
ما للعوالم حول قبرك جثما

فأسعد فقد ظفرت يداك بصفقة
واهنا فإنك بعد لن تتندما

© 2024 - موقع الشعر