محمد في فؤاد الغر - عايض القرني

محمد في فؤاد الغر يرتجف
في كفه الدهر والتأريخ والصحف

مزمل في رداء الطهر قد صعدت
أنفاسه في ربوع الكون تأتلف

من الصفا من سماء البيت جلله
نور من الله لا صوف ولا خصف

والكفر يا ويحه غضبان من أسف
لم يبقه الحقد في الدنيا ولا الأسف

ولا حمته سيوف كلها كذب
في صولة الحق والإيمان تنقصف

أتي الرسول إلينا والربى جثث
مطورة وعليها يضحك القرف

والظالم المارد الجبار محترم
جماجم الجيل في أسيافه نطف

نجوع نأكل موتانا وسهرتنا
كأس الضياع وليل أحمر دنف

جباهنا قبلة تعنو إلي حجر
وحفنة من لفيف التمر نعتلف

أعراب ويحكم ماذا يقيمكموا
قومية ليس في آنافها الأنف

علي موائد كسرى كسرت وانقشعت
تيجان من قتلوا الأحرار واعتسفوا

وحررت من بلال الحق مهجته
وظل ما نسج الباغون واقترفوا

وعاد أعظم قد لفت عمامته
علي الشريعة يحويها ويلتحف

أنا الجزيرة في عيني عباقرة
الفجر والفتح والرضوان والشرف

أنا الجزيرة في أعماقها رقدت
اشلاء أحمد تحوي نورها الغرف

أنا الجزيرة بيت الله قبلتها
وفي حمى عرفات دهرنا يقف

جبريل يروي لنا الآيات في حلل
من القداسات والأملاك قد دلفوا

من السموات تهمي كل غادية
علي ديار بنوها بالهدى شغفوا

شكان دار العلا رواد كعبتها
حجاب وجه الحيا والحق قد عرفوا

من الحثالات طهرنا مرابعها
هزت مدافعنا الباغين فانصرفوا

وغسلت أدمع الأبرار تربتها
الدر يبقى ويفني الطين والخزف

الساكبون دماء الحق فما ظمئت
روح ومن دمنا الموار تغترف

والساجدون ونجم الليل يشهد ما
أضاعنا فيه من غنوا ومن عزفوا

وقاتلت معنا الأملاك في أحد
تحت العجاجة ما حادوا وما انكشفوا

سعد وسلمان والقعقاع قد عبروا
إياك نعبد من سلسالها رشفوا

أكفانهم بدماء البذل قد صبغت
الله أكبر كم في ساحاتها هتفوا

أملاك ربي بماء المزن قد غسلوا
جثمان حنظلة والروح تختطف

وكلم الله من أوس شهيدهم
من غير ترجمة زيحت له السجف

العرش يهتز من هول ومن حزن
لسعد إذ سفراء الوحى قد وقفوا

وسدرة المنهي غريدة بسمت
لأمة الضاد تهمي عندها التحف

لا اللوح ينسى ولا التأريخ يغفل عن
مسيرة النور تروي مجدها الصفف

سل المجرة هل نامت علي حلم
أحلي لها يوم أعلي نجمها السلف

وسل سهيلا مع الزهراء هل نظرت
أبها من الثلة الأخيار يوم صفوا

كل البرايا علي أصنامها عكفت
وقومنا عند بيت الله قد عكفوا

جبلة العدل نيطت في تمائمنا
إذا تظاهر دجال ومحترف

وهالة النور شعت بين أضلعنا
وغيرنا عن سناء النور قد ضعفوا

ثوب من الهدي والفاروق ينسجه
فيه صلاح ومأمون ومنتصف

هل أذن الفجر إلا في منائرنا
والشرق والغرب بالطغيان ملتحف

ذابت عيون وأسماع وأفئدة
حبا لمن نوره في الغار مكتنف

اقرأ فأنت أبو التعليم رائده
من بحر علمك كل الجيل يغترف

أن لم تصغ منك أقلام معارفها
فالزور ديدنها والظلم والصلف

تأريخنا أنت أمهرناك أنفسنا
نمضي علي قبسات منك أو نقف

علي جماجمنا خص كل ملحمة
أغلى الرؤوس التي في الله تقتطف

في كفك الشهم من حبل الهدى طرف
علي الصراط وفي أرواحنا طرف

فكن شهيدا علي بيع النفوس فما
تحوي الضمائر منا فوق ما نصفوا

© 2024 - موقع الشعر