العصفور والغدير المهجور - أحمد شوقي

ألم عصفور بمجرى صاف
قد غاب تحت الغاب في الألفاف

يسقي الثرى من حيث لا يدري الثرى
خشية أن يسمع عنه، أو يرى

فاغترف العصفور من إحسانه
وحرك الصنيع من لسانه

فقال: يا نور عيون الأرض
ومخجل الكوثر يوم العرض

هل لك في أن أرشد الإنسانا
ليعرف المكان والإمكانا؟

فينظر الخير الذي نظرت
ويشكر الفضل كما شكرت؟

لعل أن تشتهر بالجميل
وتنسى الناس حديث النيل؟

فالتفت الغدير للعصفور
وقال يهدي مهجة المغرور

يأيها الشاكر دون العالم
أمنك الله يد ابن آدم

النيل –فاسمع، وافهم الحديثا-
يعطي، ولكن يأخذ الخبيثا

من طول ما أبصره الناس نسى
وصار كل الذكر للمهندس

وهكذا العهد بود الناسي
وقيمة المحسن عند الناس

وقد عرفت حالتي، وضدها
فقل لمن يسأل عني بعدها

إن خفى النافع فالنفع ظهر
يا سعد من صافى، وصوفي، واستنر!

© 2024 - موقع الشعر