الصياد والعصفورة - أحمد شوقي

حكاية الصياد والعصفوره
صارت لبعض الزاهدين صوره

ما هزءوا فيها بمستحق
ولا أرادوا أولياء الحق

ما كل أهل الزهد أهل الله
كم لاعب في الزاهدين لاه

جعلتها شعراً لتلفت الفطن
والشعر للحكمة مذ كان وطن

وخير ما ينظم للأديب
ما نطقته ألسن التجريب

***
ألقى غلام شركاً يصطاد

وكل من فوق الثرى صياد
فانحدرت عصورة من الشجر

لم ينهها النهى، ولا الحزم زجر
قالت: سلام أيها الغلام

قال: على العصفورة السلام
قالت: صبي منحني القناة؟!

قال: حنتها كثرة الصلاة
قالت: أراك بادي العظام!

قال: برتها كثرة الصيام
قالت: فما يكون هذا الصوف؟

قال: لباس الزاهد الموصوف
سلي إذا جهلت عارفيه

فابن عبيد والفضيل فيه
قالت: فما هذي العصا الطويله؟

قال: لهاتيك العصا سليله
أهش في المرعى بها، وأتكي

ولا أرد الناس عن تبرك
قالت: أرى فوق التراب حبا

مما اشتهى الطير، وما أحبا
قال: تشبهت بأهل الخير

وقلت أقري بائسات الطير
فإن هدى الله إليه جائعا

لم يك قرباني القليل ضائعا
قالت: فجدلي يا أخا التنسك

قال: القطيه. بارك الله لك
فصليت في الفخ نار القاري

ومصرع العصفور في المنقار
وهتفت تقول للأغرار

مقالة العارف بالأسرار:
"إياك أن تغتر بالزهاد

كم تحت ثوب الزهد من صياد!"
***

© 2024 - موقع الشعر