عِندما كُنت خَطِيباً

للكتاب: حسام حمدي حمزة،


أما عن علمهم فأنا لا أمثل سوى قطرة في بحر علم أحدهم وهيهات لي أن أكون مثلهم وأنا لم اتلقى العلم على يد عالم ولا عن خطيب،،بل تلقاه قلبي حباً من خطيب المنابر وإمام الأمة وعالم العلماء وسيدهم
العلامة وحبر الأمة فضيلة الشيخ محمد حسان الذي جذبني بأسلوبه الجميل في الخطابه وحسن تعبيره وروعة القاءه اليانع الماتع الذي جعلني اتقرب من ﷲ واضع قدمي على اعتاب بابه لأحث السير الى طريقه فحببني في تلاوة القرآن وحفظ احاديث النبي ﷺ ولا أنسى فضيلة الشيخ المربي الجليل محمد حسين يعقوب الذي تعلقت به وبحديثه وبعض مشايخنا وعلماءنا الذين تعلمت منهم وسمعت لهم
ويوماً بعد يوم حتى تعلقت بهم وبمكانتهم وتمنيت لان اكون مكانهم فما لبثت حتى أجاب ﷲ دعائي
وجاء اليوم الموعود
يوم صعودي على المنبر لألقي خطبة الجمعة
اذكر حينها كنت افيق باكراً من صباح يوم الجمعة لامسك بأوراق خطبتي وأشرع في حفظهم وفهمهم جيداً ثم اقوم لاغتسل والبس الجلابية البيضاء وفوقها الطاقية البيضاء والتي تعلوها الغطرة ثم اتطيب بما لدي من مسك
لابدو كالمشايخ الكبار في جلالهم وهيئتهم،،،
ثم اعود ممسكاً بأوراقي مراجعاً ع الخطبة التي سألقيها على الناس
ثم ما يلبس أن يؤذن للأذان فاجمع شتات نفسي المتوترة والملم اوراقي مسرعاً إلى المسجد لأرى المؤذن ينادي في الناس "حي على الصلاة .... حي على الفلاح"
لاقف بعدها بين يدي الله مصلياً ركعتي سنة وما إن أفرغ منهما حتى أنظر لاتفقد الناس من حولي لارى كل المصلين قد فرغوا من صلاتهم حينها اهمُ قائماً كي اصعد المنبر، حينها ترتعش مني الأنامل ويخفق القلب بشدة، جاءت اللحظة التي سأصعد فيها على المنبر لألقي خطبتي!!!

فاقوم من مقامي متجهاً نحو المنبر بقلقي لاضع قدمي اليمنى على أول عتبات المنبر ثم أرفع قدمي الأخرى وكأني أرفع صخرة عملاقة من جبل إلى جبل إلى ان يوفقني الله للصعود واجلس على المنبر فالقي التحية على المصليين
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" ... فيقوم المؤذن ليؤذن اللأذان الثاني وأنا أردد خلفه ممسكاً بأوراقي التي أهمتني
وما إن يفرغ من الأذان حتى يعطيني الميكروفون لتبدأ بعدها وقفة المسئولية
أمسكت الميكروفون في يدي فحمدت ﷲ واثنيت عليه وصليت على نبيه محمد ﷺ وبدأت في إلقاء أول خطبة جمعة لي في حيآتي كنت اشعر بالهيبة والوجل لكن ﷲ آذرني وفتح عليا بعلمه وتوفيقه حتى اتممت الخطبة ووصلت الى ختامها وقلت "عباد ﷲ ما من يوم جمعة الإ وفيه ساعة إجابة فادعوا ﷲ ان تكون هذه الساعه،، اللهمَّ.......... ثم اقول إن ﷲ يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون،اذكروا ﷲ يذكركم واشكروه على نعمه يزيدكم ولا ذكر ﷲ اكبر والله يعلم ما تصنعون واقم الصلاة" ثم يقوم المؤذن من مكاناه ليمسك مني الميكروفون ليقيم الصلاة وحينها انزل من على المنبر متجهاً إلى المحراب كي أؤم الناس للصلاة رافعاً يديا مكبراً ﷲ أكبر ويعود قلبي لينبض بسرعة كسرعته المعتادة
وما ان فرغت من الصلاة حتى بدأ يسكن قلبي ويهدأ روعي لقد مر الأمر،وأنهيت المهمة بفضل الله وكرمه ثم ان بعد ما خرج المصلين من المسجد إلى بيوتهم عدتُ أنا الآخر متوجهاً إلى بيتي يشوبني الفرح والتوتر وعدم تصديق ما حدث،لقد فعلتها!!! وحققت ما كنت أرمي إليه نعم!
ثم ما لبثت ان جاءت الجمعة التي بعدها والتي بعدها وهكذا أصبحت خطيباً وهانت من على نفسي حدة الموقف واعتدت الأمر ولم يعد قلبي يخفق كسالف عهده ولا جسدي يرتجف كما كان عليه في الخطبة الأولى،،،
وبقيت على هذه الحال مدة عشرة اسابيع ألقيت فيهم عشر خطبٍ إلى أن جاءت امتحانات الثانوية العامة فمنعتني من ارتقاء المنبر مرة أخرى،،،،

وكان هذا مُذ أربع سنوات تقريباً...

فسرعان ما مرت الأيام والليالي، يا ليت شعري كيف مروا بهذه السرعة وكيف تبدل حالي إلى ما أنا عليه الآن
لا أعلم كيف؟!! كل ما أعلمه انها كانت ايام ممتزجة بالفرح والخوف والحماس في سجل تاريخ حياتي.

وبعد مرور أربع سنوات؛ اليوم تعود نفسي لتحدثني عن الخطابة وكم انا مشتاق للعودة لها مرة اخرى.

فهل من الممكن أن أعود خطيباً يوماً ما !!!!

#في_مثل_هذا_اليوم
#منذ_اربع_سنوات
#عندما_كنت_خطيباً
#حسام_حمدي

© 2024 - موقع الشعر