صناعة الأغبياء! - أحمد علي سليمان

الغباءُ صَنعة لا صِناعة
وانحطاط لا يُداني مَناعة

خِلتُه يُودِي بدِين ودنيا
عندما يلقى الرضا والإطاعة

يَستطيلُ في عقول الخزايا
ناشراً أسقامَه ووِجاعه

ليس يرضى الحُمقَ إلا لِئامٌ
فضلوا على الإباء الوَضاعة

لا يُطيلون المعاليَ دَرباً
ما لديهم هِمة أو شجاعة

والطواغي رَوَّضوهم ، وسادوا
واللئامُ استُحمِروا بالقناعة

كابدوا في العيش حتى استكانوا
ثم أسدَوا للفساد الضراعة

والفجورُ خَصَّهم بالدنايا
فاستساغوا رِجسَه والرَّقاعة

قال: إن الفسق هذا اختراعي
والقطيعُ قد تبنى اختراعه

أغبياءُ العصر أحقرُ شأناً
إذ نراهم يُصنعون صِناعة

هم ورَبي للطغاة عبيدٌ
ذاك حقٌ ، ليس هذا إشاعة

جُندُ طاغوتٍ ، وليسوا كِراماً
إنْ يَقلْ قولاً أجادوا استماعَه

كم أضاعوا بالتدَني قضايا
كم أضاعوا كل حق إضاعة

رَوَّجوا للبغي حتى تمادَى
ثم باتوا مُشْترين وباعة

وارتضوا بالدون سَمتاً وهدياً
والتدَني هل يُنِيلُ الرفاعة؟

واشتروا بالدين دنيا فذلوا
تجرة خابتْ لأخزى بضاعة

ربِّ سلمْ من قطيع تدَنى
ربِّ جنبْنا ذله وانصياعه

ربنا ارحمْنا إذا ما زللنا
مثل جَمع لا نحِبُ اتباعه

مناسبة القصيدة

(إن صناعة الأغبياء لا تتطلبُ كثيراً من الجهد والوقت والمال! فهل عندك فكرة يا قارئنا الحبيب كيف تتم صناعة الأغبياء؟! إن مجموعة من العلماء كانوا قد وضعوا 5 قرود في قفص واحدٍ ، وفي وسط هذا القفص وجد سُلم ، بينما كان في أعلى السلم بعض الموز! وفي كل مرةٍ يَطلعُ أحدُ القرود لأخذ الموز يرشُ العلماء باقيَ القرود بالماء البارد! وبعد فترةٍ بسيطةٍ أصبح كل قردٍ يَطلع لأخذ الموز ، يقوم الباقون بمنعه وضربه حتى لا يُرَشوا بالماء البارد. وبعد مدةٍ من الوقت لم يجرؤ أي قردٍ على صعود السلم ، لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفاً من الضرب. وبعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ، ويضعوا مكانه قرداً جديداً. فأول شيءٍ يقوم به القردُ الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز ، ولكن فوراً يضربُه الأربعة الباقون ويجبرونه على النزول. وبعد عدة مراتٍ من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم ، مع أنه لا يدري ما السبب. وقام العلماء أيضاً بتبديل أحد القرود القدامى بقردٍ جديدٍ ، وحل به ما حل بالقرد البديل الأول ، حتى أن القرد البديل الأول شارك زملاءه بالضرب ، وهو لا يدري لماذا يضرب؟! وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرودٍ جديدةٍ ، حتى صار في القفص خمسة قرودٍ لم يرش عليهم ماءٌ باردٌ أبداً! ومع ذلك يضربون أي قردٍ تسولُ له نفسه صعودَ السلم بدون أن يعرفوا ما السبب؟! وهكذا تتم صناعة الغباء الديني والسياسي والاجتماعي والثقافي! ولو سألنا القرود: لماذا تضربون القرد الذي يصعد السلم؟ فسيكون الجواب المتوقع: لا ندري ، ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا على هذا الطريق. من قال أن زمن الجاهلية قد انتهى؟! انظر حولك عزيزي لترى أننا نعيش بعقول جاهلةٍ على أجهزة حديثةٍ فقط! ومن هذه القصة الطريفة التي لا أستبعدُ حدوثها ندركُ أن الغباء صَنعة يُتقنها بعضُ الناس ، حتى يصنعوا الأغبياءُ الذين يُنفذون لهم مُخططاتهم القذرة الدنيئة! كتبتُ في ذلك قصيدتي هذي على قافية العين ، وعلى البحر المديد أقول:)
© 2024 - موقع الشعر