كالأيتام – بل والله – أذل! (خذلهمُ الأعمام) - أحمد علي سليمان

أيتامُ حقاً ، والذي خلق الورى
بل هم أذلّ من الألى لعقوا الثرى

لم يعدموا الأقوات تُطفئ جُوعَهم
كلا ، وما عدِموا الشراب مُوَفرا

والبيت يضحك مُعجباً بأثاثه
ورُواقه يُهدي الضيوفَ الجوهرا

والسقفُ تغمرُه اللآلئ تزدهي
منها الضياءُ - على البساط - تحدّرا

وأرائكُ البيت الوسيع تزينتْ
وغدتْ تفوحُ لكل أنفٍ عنبرا

وحديقة تحوي الثمار شهية
تسبي العيونَ ، فتستسيغ المنظرا

فهل السعادة خيمت بظلالها؟
وهل النعيم غزا الربوعَ ونورا؟

وهل المحبّة أرسلتْ أسرارها
في أنفس - منها - الإخاء تبخرا؟

ما قيمة البيت الذي فقد الهُدى
وغدا - بأصنام الحضارة - أغبرا؟

والوالدان - بلا اكتراثٍ - فرَّطا
وغدا التشاغل - دون عذر - مَظهرا

كلُّ تنازل - راضياً - عن دَوْره
والبيت تذروه الرياحُ بما جرى

وتسابقاً في ترك كل مُهمةٍ
والبيتُ أمسى للموائد والكرى

فأبٌ بريقُ المال يسلبُ لبه
والشيبُ لقنه النصيحة مُنذرا

أوَهكذا الأرزاقُ تشغلُ أهلها
وتُضلُ عبداً واعياً مُستبصرا؟

فيظلّ يكدحُ ليله ونهاره
ويبيعُ أخرة بدينا تُزدرى؟

أوَهكذا الأموالُ تفتنُ عبدَها
حتى يعظمَ - في الديار - المُنكرا؟

وهل المعايشُ – بالمَذلة - تُجتنى؟
أوَقد غدت - من كل شيئ - أكبرا؟

حتى يُضيِّعَ والدُ أبناءه
ويبيت - في حق المليك - مُقصرا؟

والأمّ توغلُ - في المشاغل - جهدَها
وتُضاحك المُستهتراتِ تندرا

ووليمة ، فحديقة ، فضيافة
وتفننٌ - في الهزل - أصبح أخطرا

وإضاعة للوقت أثمرَ شؤمُها
تا الله ما سطرتُ كِذْباً مُفترى

هذي حقائقُ كنتُ قد عاينتها
فكتبتُ مُلتاعاً أصوّرُ ما أرى

ورأيتُ أولاداً يَطالهُمُ الأذى
وحياؤهم - فوق الدروب - تبعثرا

من بعد ما سحق الخنا أخلاقهم
مما يروْن من الفجور مُقنطرا

ألفٌ من القنوات تسحر ناظراً
والكيدُ يجتاحُ المدائنَ والقرى

والنِت ويح (النت) يزدردُ الغثا
ممن يقلبُ في المواقع أعصُرا

وجحافلُ الأصحاب تختصرُ المَدى
وتجرّ مَن يهوى الفضائلَ والذرى

والخادماتُ لهن أكبرُ حِصّة
والفحشُ أمسى – للرذيلة - مَعبرا

ماذا نؤملُ من حياة أقفرتْ
والعيشُ - مِن كل المبادئ - أقفرا؟

أولادنا يا قوم أفضلُ ثروةٍ
لمَن اشتهى في هذه الدنيا الثرا

وبناؤهم أغلى وأعلى رتبة
مِن أن يرانا الناس نبني الأدؤرا

بلغتُ ، والله المهيمنُ شاهدي
والشعرُ - بالنصح اللطيف - تعطرا

© 2024 - موقع الشعر