صلاة التراويح الظافرية! - أحمد علي سليمان

اشهدْ تراوِحَ (ظافر) ، وكفاكا
أنْ يستثيرَ بَهاؤها تقواكا

انهضْ ، ولا تكُ غافياً مُتكاسلاً
ما لي أراك لها تعُدُّ خطاكا

أسبغ وضوءَك يا مُوفقُ ، وابتشرْ
بالأجر يُكتبُ مُذ بَدا مَمشاكا

وادعُ الرفاقَ لخير سعي مُوقناً
أن الخيورَ تجيءُ مِن مَسعاكا

واصحبْ سِواكك ، إنه يُرضي الذي
خلق الأنامَ ، وسَيَّرَ الأفلاكا

وكذاك مَطهرة لفمٍّ ، فامتثِلْ
وإذا عجزت فإسحِلاً وأراكا

واشهدْ عِشاءَك ، لا تمَلَّ أداءَها
فأداؤُها يُدنيك مِن مَولاكا

تابعْ إمامَك ، وانتبه لتلاوةٍ
إما انتبهت بكتْ لها عيناكا

حتى وإنْ فاتتْك ، فاستمتعْ بها
فيما حوتْه قناتُه ، وكفاكا

قبسٌ على (اليوتيوبَ) تنشرُ نورَه
هذي القناة كمُنذر ناداكا

فأجبْه طوعاً ، واتبعْ قرآنه
إنْ كنت تنشدُ - في الحياة - هُداكا

وتأمَّل الآياتِ كيف صنيعُها
بالقلب إذ تستشرفُ النسَّاكا

أنصِتْ لتُهديَك القراءة عِطرَها
وبُعيدَها يَجدُ الأنامُ شذاكا

وتدبَّرِ النصَّ الكريمَ بحكمةٍ
واعرضْ عليهِ ما جنتْه يداكا

إما أطعت ، فكنْ لربك شاكراً
والشكرُ إنْ فكرت مِن عُقباكا

ولئن عصيت ، فتُبْ لربك نادماً
إن المعاصيَ شُؤمُها أشقاكا

واشكرْ لشيخِك سعيَه وجُهودَه
وقراءةً تحبيرُها أشجاكا

يا ظافرَ الخير استمعتُ ، فطابَ لي
أرَجٌ أتاني مِن جميل صَداكا

حملَ الأثيرُ إليَّ أطهرَ بَثهِ
فهتِفتُ رُوحي يا أثيرُ فِداكا

يا ليت مسجدَكم دَنا من دارنا
ليُعيدَ لي ما شط مِن ذِكراكا

نعمَ التلاوة لم تَشُبْها غلطة
سبحانَ مَن إتقانها أهداكا

وكذاك فليرحمْ مُعلمَك الذي
لدقائق الأحكام كان هداكا

هذي التلاوة جُود مَولاك الذي
مما يُشَوِّهُ حُسنَها عافاكا

فقواعدُ التجويد أنت خبرتها
وأجدتها ، حتى يَصِحَّ عطاكا

لا لحنَ فيها يَستخفُّ بحَبكها
فاللحنُ يَنصِبُ للجمال شِباكا

فالمَدُّ مَدٌّ حُدِّدَتْ حركاتُه
وبه تُداعبُ يا مُجوِّدُ فاكا

تُعطيه حقاً فصَّلتْه قواعدٌ
وأراك تلتزمُ الأصولَ ، أراكا

وتُتوِّجُ الإدغامَ تاجَ سِباكة
تسبي السماعَ وتأسرُ الإدراكا

فبغنةٍ يُشجي الورى ، وبدونها
بتكلفٍ لا يَصطفيهِ سِواكا

وتُحَبِّرُ الإقلابَ يَستلِبُ النهى
بالسامعين حَبيبنا رُحماكا

بطريقةٍ لم يأتِها إلا الألى
سبقوا ، وأنت لِمَا لديهم حاكى

وتُشنفُ الأسماعَ للإخفاء ، لم
تهضمْه حقاً واجباً ، حاشاكا

وتُجمِّلُ الإظهارَ يُمْتِعُ مُنصتاً
وكأنما (المَنشيُّ) كان حباكا

شفويَّهُ أتقنت ، أو حَلقيَّهُ
بطريقةٍ ما جاءها إلاكا

والهمسُ ما فاتتْك دِقة جَرْسِه
وسِواك همساً – في القراءة – لاكا

وعُرفت بالغَنِّ المُطرِّب شَدوُه
هل يا تُرى (الجَزريُّ) قد أملاكا؟

ناهيك عن وقفٍ أجدت وبدأةٍ
لمَّا يكنْ – والله – وفق هواكا

ومَخارجٌ للحرف لم تعبثْ بها
مِثلَ الألى عبثوا هنا وهناكا

ما كان ترقيقاً فقد رَققتهُ
بوداعةٍ حفلتْ ببعض صفاكا

أو كان تفخيماً فقد فخمتهُ
بفخامةٍ خُصَّتْ ببعض نَداكا

وعَلِمت ألقابَ الحروف ووصفَها
وتُجيبُ أسئلة الذي استفتاكا

وسبرت أسبابَ النزول وسِفرَها
مازال رَهنَ القبض في يُمناكا

وقطعت في التفسير أعظم حِصةٍ
حتى تُبَصِّرَ جاهلاً يَلقاكا

وأتاك مِن شرق البلاد وغربها
وشمالها وجنوبها لتراكا

هذي الجموعُ يقودُها إيمانُها
كلٌّ أتى مُستلهماً نُعماكا

ما بين طفل في حداثة سِنه
حضرَ الصلاة يريدُ دَركَ مَداكا

أو شيخِ عِلم سربلتْه كُهولة
قد جاء يَطمعُ في لذيذ قِراكا

والله وفقهم ، وبارك سعيهم
لمَّا أتوا يتنسمون ضِياكا

وأقول: محظوظون بالشيخ الذي
صحبَ الكتاب ، وأحضر المِحراكا

أشجى وأمتعَ مَن أتى بقراءةٍ
حاكتْ – إذا قرأ القراْنَ - مَلاكا

لمّا تُقلِدْ غابراً أو حاضراً
تقليدُ غيرك إذ علمت قلاكا

جَنبت مَن سمعوك ما بؤنا به
مِن قارئين ، تندَّروا بعُلاكا

واسأل عن الأخطاء تؤذي مَسمعاً
فاغتاظ منهم سامعٌ وتشاكى

ودروسُهم ألغازها مَكشوفة
لمَن اتقى ، هي تُشبهُ الأشواكا

والشيخُ (ظافرُ) دَرسُه بُشرى هُدَىً
يا كلَّ مُستمع له بُشراكا

عِلمٌ رَصينٌ يشتهي متعلماً
يا قاصداً للعلم ما أبهاكا

بوركت يا شيخي الجليلَ ، ودُمت في
ليبيا الفخار ، وحِفظِ مِن سَوَّاكا

وقصيدتي أرجو بها وجه الذي
وهبَ الخيورَ ، ومَلَّكَ الأملاكا

أنا ما أردتُ بأي حرفٍ صُغتُه
واللهِ - يا رب الورى - إلاكا

فاجعله يا ربَّ السما لك خالصاً
أرجو به التوفيقَ يومَ لقاكا

مناسبة القصيدة

(أهنيء كل مسلم شهدَ صلاة التراويح خلف القارئ المُجوِّد المُرتل شيخنا الشيخ ظافر التائب! إنها صلاة تراويح من عالم آخر غير الذي نعيش! فقرآنها بفضل الله على شيخنا كسلاسل التبر والعقيق والزبرجد ، وأحكامُ تجويدها وتحبيرُها بالملليمتر ، وميزان الماء ، والميزان الزنبركي ، كما يقولون بعامية صعيد أهل مصر! وتُختمُ هذه الصلاة الطيبة المباركة بدرس علم مَحبوكٍ مَسبوك مُحَضر مُجهز مُعَتق مُرَتب سلفاً ، فليس ارتجالياً كدروس خطباء الفتنة المرتزقة ، الذين يُلقون دروسهم بلا إعدادٍ ولا تحضير ولا تخريج بالمرة ، وإنما يعتمدون على مجموعة أخبار عامة وقصص سردية لا تُضيفُ إلى سامعها جديداً! ويُجيب الشيخ ظافر على أسئلة من يسألون أو يستدركون في ثنايا درسه ، رابطاً ما يقول بالواقع المعاش والأحداث الجارية التي تمر بها الأمة! مما يميز الدرس ويجعله ماتعاً مفيداً مجدياً! وأحياناً يُنيبُ الشيخ شيخاً آخرَ لصلاتي الشفع والوتر ، وكنتُ قد لاحظتُ أن هذا الشيخ لا يقل كثيراً عن الشيخ ظافر ، فله ذات جمال الأداء وذات الروح والحمية والغيرة على الإسلام والمسلمين ومقدساتهم! مما لا يجعل السامع يشعر بكبير فجوةٍ بين الأداءين! وكنتُ قد تابعتُ بعض هذه الصلوات بتلاواتها ودروسها وأدعيتها عبر الفيس بك واليوتيوب من خلال بث الشيخ المباشر! فأدركتُ قيمتها وجمالها وعذوبتها ، وكأني بالشيخ ظافر قد تعلم على يد واحدِ من أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عن صحابته! وأكاد أقطع أن الشيخ أوتيَ - في تحبيره وترتيله وتجويده - مزماراً من مزامير آل داوود – عليه صلوات الله وتسليماته -! فالشيخ يعطي كل حرف حقه ومستحقه من ناحية المخارج والقواعد والأنغام والأنسام ، فلله دَرُّك يا شيخنا! إن تراويح الشيخ ظافر لتختلف الشيء الكثير عن غيرها ، وتختلف في رمضاننا هذا عن رمضان المنصرم ، فهي أكثر روحانية وجمالاً وبَهاءً ومُتعة! وفي كلٍّ خير! حتى ليُمكنُ تسميتُها بالتراويح الظافرية المتميزة في كل شيء! وإنني إذ أتابعُها في الفيس بك واليوتيوب من خلال قناة الشيخ ظافر ، فإنني أتعزى بها عن القراءات النشاذ والحناجر المأجورة الصدئة التي ابتُليتُ بها! وأغبط أهل ليبيا ممن يصلون في مسجد الشيخ ظافر! وأجعل هذه القصيدة رد تحيتي للشيخ ظافر! حيث اعتبرتُ تراويحه لنا هدية وتحية ، فكان لزاماً علي أن أرد التحية بأحسن منها! ولكن هل هناك أحسن وأحلى وأجمل من القرآن؟ بالطبع لا! وإذن فهو الاختيار الثاني وجوباً! (أو ردوها)! وعنونتُ لها بـ: (صلاة التراويح الظافرية) ، وذلك لتميزها وتفردها بالوصف الذي ذكرتُ! ولسنا نزكِّي على الله ربنا أحداً من خلقه! فتقبلها يا شيخنا بقبول حسن! وتقبلَ الله منك صلاتك ودروسك ودعاءك ، وتقبلَ الله قصيدتي ، وجعلها ربي خالصة لوجهه الكريم ، بعيداً عن الرياء والسمعة والشهرة! إنه ولي ذلك والقادرُ عليه!)
© 2024 - موقع الشعر