نحن جاهزون للطلاق! - أحمد علي سليمان

يا مُجهِضاً أمسي ويومي والغدِ
قلبي أفاقَ مِن الخِداع الألكدِ

مازلت تلعبُ بي ، وتخترعُ الفِرى
عني ، وتفتعلُ الشجارَ ، وتعتدي

وأردتها حرباً ضروساً تجتني
بسُعارها آمالَ قلبٍ مُكْمَد

وبذلت جُهدَك كي تراني مُعدِماً
مُتسولاً أحيا على مَدِّ اليد

واحتلت في حَبْكِ الزيوف تسوقها
ليكون عَيشي كالخِضَم المُزبد

بَدَّدت مالي عامداً متعمداً
أبئسْ بغدرة عامدٍ متعمد

مازلت تكذبُ لم تردَّك شَيبة
شَأنَ العُتاة المُفترين العُنّد

فطلبتُ منك على المَلا حُرِّيتي
والناسُ قد فهموا مُنايَ ومَقصدي

قررتُ إنهائي لأي تعامُل
مع هازل مُتفحش مُتمرد

أودتْ بنا كَبَواتُه وسُقوطه
واقتادنا نحو الهلاك المُرصِد

دَعني أرتبُ كيف تحيا أسرتي
دَعني بما أبقيته أبني غدي

وكفاك تبديداً ، وأبق علاقة
دَمرتها بغبائك المتبلد

لمّا نكنْ أيتامَ ترعى شأنهم
أو أعبُداً قهروا بأمر السيد

لمّا نكنْ أسرى لديك تسومُهم
سُوءَ العذاب ، وإنْ تُراجَعْ تُرعِد

وطفقتَ تُوسِعنا بهُزئك ساخراً
وتُذيقنا تكشيرة المتوعد

عبثاً تُفكرُ أنْ نعودَ لمَا مضى
مُنِيَتْ وَشِيجتُنا بسهم مُقصِد

وفرْ مَلامَك والمُؤاخذة التي
لنْ تُلبسَ الديجورَ وَمضة فرقد

أطفيءْ أذى التوبيخ ، فات أوانُه
كم زادَنا التوبيخُ خفقة أكبُد

أتقولُ: بيَّتُم طلاقاً مُزمَعاً
في عِيشةٍ أمستْ كوادٍ أجرد؟

أدليت في التخبيب دلوَ مُسعر
للحرب تقذفُ باللظى المُتوقد

وحملت سيفاً ليس يَحمله العِدا
وأنا أواجهُ ليس شيءٌ في يدي

والله خوَّلني لساناً مُفصِحاً
أفري بما يُلقِيهِ سَورة ألود

وجهرتُ أنْ أحيا بلا تبعيةٍ
تُملى عليَّ مِن الأثيم المُعتدي

حتى وإنْ أودِعتُ سِجناَ ضيِّقاً
ألقى به ذلي وأنة مُجهد

قضبانه يوماً ستُردِي قِصتي
عبرَ البلاء المُكفهر السرمدي

حمّلتني ما لا يُطِيقُ ، وزِدْتني
همَّاً على همٍّ ، فطالَ توجّدي

وقتلت سُمعة مَن أعزك في الورى
والقتلُ أهونُ مِن زوال السُؤْدَد

أخطأتُ يوماً إذ تخِذتُك صاحباً
والقلبُ قلبي طيبٌ غضٌ نَدي

أنت الذي أبديت لي طبْعَ الوفا
وتعصُّباً فذاً لسُنة أحمد

وسحَرتني بلطيف قولِك مُظهِراً
حبي وهِمة ناصر ومُؤيد

فخُدِعتُ فيكَ خديعة شَقِيتْ بها
نفسي ، فلامتْني ، فقلتُ لها: رِدي

هذا جزائي أنْ تُناصِبني العَدا
وتروحُ في كيدٍ ، وطوراً تغتدي

فوضتُ أمري فيك للمولى الذي
يأوي إلى لقياه كل موحد

وهناك يرجعُ كل حق خِلته
لا لن يعودَ لبائس مُترصد

بيني وبينك يا مُغالط مَوعِدٌ
سيعودُ كل الحق في ذا المَوعد

شوقي إلى حقي يُداعِبُ مُهجتي
ويسوقني للحق شوقُ العُوَّد

أغلقتُ في الدنيا سجلَ عِتابنا
ليكون في الأخرى أمام الشهد

يا رب أنصِفني ، وثبّتْ حُجّتي
لأبيت خيرَ مُوفق ومُسَدد

لمّا طغى غيري ، وبالغ في الأذى
فوراً لجأتُ إليك ، لم أتردد

العدلُ أنت ، وهل كعدل مَلِيكِنا؟
فأعدْ حقوقَ المُحسن المُتعبد

مناسبة القصيدة

نحن جاهزون للطلاق! (عندما تستقوي زوجة ساذجة حَمقاءُ - بأهلها السفهاء - على زوجها ، فإنها وأولادها وحدهم يدفعون الثمن غالياً! ذلك أن زوجها يُمكنه بكل سُهولةٍ ويُسر أن يتزوجَ غيرها ، ويبدأ حياة جديدة ، ويُذيقها ويلاتِ الانقسام غير المبرر! ومناسبة هذه القصيدة أنَّ صِهراً أجرمَ في حق ابنته وزوجها ، وأحدثَ إجرامُه في حقهما طواماً ومشكلاتٍ! وعندما أرادَ زوجُ ابنته الإبقاءَ عليه صِهراً فقط بلا معاملاتٍ ، هاجَ وماجَ ، وأرغى وأزبد ، وقال قولته الملعونة: (نحن جاهزون للطلاق ، فهل أنت جاهز؟!) والله لقد كان صِهراً عجيباً ونسيباً غريباً ، ظل يُخطط مع ابنته للحيلولة دون عِزة زوجها وغِناه! وجعلاه بعد ثلاثة عقودٍ في الغربة في أغنى دولةٍ في العالم مَعوذاً يتكففُ اللقمة وينتظرُ نوالَ المحسنين! وساعدَهما على ذلك خُذلان أهل ذلك الزوج! فكانت الكرة في ملعب النسيب المَعتوه والصهر الأبله عقدين من الزمان ، يلعبُ بزوج ابنته كيف شاء ، ويتصرفُ في أمواله كما يشاء ، ويُشوِّه سُمعته ، وينالُ من عِرضه كيف شاء! ولما عاد الرجل من سفره وسأل عن ممتلكاته وممتلكات زوجته ، وسأله لماذا لا يُمنح الحرية المطلقة في إدارة المال وتولي زمام أسرته ككل زوج في الدنيا مسلماً أم كافراً؟! فأتى الرد يحمله الوسطاءُ الأمناءُ الصادقون: (هذا صايع ضايع في بلاد الغربة ، وهذه أموال ابنتي وعقاراتها ، ولا شيء له ، وزادَ حباتِ الطين بلة بقوله عن زوج ابنته: فلانٌ هذا بكابورت ، أي بالوعة أنا أدخلت ابنتي فلانة فيها وأنا الذي سأخرجها منها!) فلما استوثق الزوج من المصادر وقاسم أهلها بالله ، واستيقن أن الصهر المراوغ المغادع المتفحش الكاذب كان يخدعه بالله تعالى طِيلة هذه السنين ، قررَ أن يُطلق ابنته ، مادامت تباركُ صَنيعه المغالط الظالم! ولم يكن قرارُه عن هوى! لأنه لما رجع إليها ، وجدها تُقِر أفعال أبيها وكلماته القذرة الفجة التي تنم عن خلقه الذميم ، وتقول: (كل ما يقوله بابا صحيح وأنا معه!)
© 2024 - موقع الشعر