المنتقبتان الضرتان - أحمد علي سليمان

مُدّي لضُرتكِ العَسراء يُمناكِ
وجَنبيها الذي تُمليهِ طغواكِ

أتيتُ ضَيفة دار أنتِ رَبتُها
فأكرمِيها ، وخُصّيها برُحْماك

أتيتُ أبسُط كَفّ الصفح راجية
منكِ الوداد يُحَلي عَذبَ لقياك

أتيتُ ، والكلُ جَافَوْني بلا سبب
وقد عدمتُ نساءَ الحَيّ إلاك

أتيتُ ضُرة خير لا تريدُ سِوى
أن تستجيب لمَا تُمليه شكواك

أتيتُ أحملُ أسفاري ومِحبرتي
وفي يَساري كما ترين مِحراكي

أتيتُ أهديك عِلماً لا حُدودَ لهُ
مِن سُنة (المصطفى) وفضل مَولاك

أتيتُ أنشدُ جَمعَ الشمل مُوقنة
أن يصرفَ الله شجوانا وشجواك

أتيتُ يسبقني عزمٌ أتيهُ به
بالحب والأنس والإخلاص ناجاك

أتيتُ والزوجُ وَعّاني وناصحني
ببدء حرب ضروس حين ألقاك

فقلتُ: كلا ، يَمينَ الله أختُ هُدى
وسوف يُتحفني جَميلُ مَرآك

وسوف أسعدُ إن عاينتُ طلعتها
وقد تُبادلني الشعورَ عيناك

أخيتي أفصِحي عن كل خاطرةٍ
وأخبري ما الذي يُودي بنُعماك

للضيف حق فكوني اليوم مُكرمتي
حاشاكِ أن تطردي الضيفانَ حاشاك

سِترٌ أنا وغطا ، ولستُ غادرة
فصارحيي ما الذي قد كان أبكاك؟

ثِنتان نحن لزوج ما أتى غلطاً
حتى تقولي: بهذا الفعل أرداك

هلمّيْ ندحضُ حِقداً في القلوب غلى
فصدّقيني بأن الحقد أضناك

هلميْ نطوي جراحاً لا علاجَ لها
فقد تؤدي بنا يوماً لإهلاك

هلميْ نتلو كتابَ الله ، ندرسه
قواكِ ربي على التجويد قواك

هلميْ نقرأ من حديث أسوتنا
إن الحديث مِن الأهواء يرعاك

هلميْ نرقى على حُظوظ أنفسنا
إن التجرد بالإخلاص ناجاك

ولن يكون لنا بيتان قد فصِلا
مأوايَ - يا أختُ في ذي الدار - مأواك

وبادليني شعورَ الحب مرتفعاً
عن التكلف عاداني ، وعاداك

هداكِ ربي إلى دُروب طاعته
مُدّي إليّ بعهد الله يُمناك

مناسبة القصيدة

المنتقبتان الضرّتان! (ما أجمل التفاهمَ والتحابَ والمودة بين الضرّتين! إنه ليس أحلى من طرْح العداوة والبغضاء جانباً ، لتسود حياة عائلية طيبة كريمة ، وفق المنهج الرباني ، مع مراعاة تحقيق العدل والمساواة بين الزوجتين! تلك المَزيّة التي يغفل عنها كثيرٌ من المعددين للأسف! تزوج هذا الرجل بامرأة مؤمنةٍ حشيمة ميسورة منتقبة ، ولكنها كانت من عوام المؤمنات! وللأسف زوجُها لم يسع في تثقيفها ولا توعيتها ، واستمرتِ الحياة إلى أن تزوج عليها بلا مقدماتٍ ولا تمهيد! ولكن زوجه الثانية كانت من خواص المؤمنات الحشيمات المنتقبات ديناً وعلماً وحشمة ودعوة! وقال لها زوجها بأنها ستخوض حرباً ضروساً مفتوحة مع زوجه الأولى ، لأن بضاعتها في الشرع بضاعة مزجاة ، ويضاف إلى ذلك غيرتها الشديدة وحبها المفرط لزوجها! ولكن الزوج الثانية قالت له في ثقة المؤمنة وإيمان الواثقة: سيهدي الله قلبها على يدي! ولا عليك منها دعها لي! ولما علمتِ الزوج الأولى بزواج زوجها عليها طلبت الطلاق على الفور الأمر المعهود والمعروف عند المتسرعات والمتهورات! وبعد محاوراتٍ ومداوراتٍ التقت الزوجتان ، وكان الأخذ والرد ، والحلم والطيش ، والجد والهزل ، والمد والجزر ، حتى هدى الله قلب الأولى ، وقبلت بالثانية أختاً لها في الله ، ومعلمة ومعينة على الحق! وتسكنان بيتاً واحداً. ولهذي ليلة ولتلك أخرى ولله الحمد! فلا ريب أبداً في أنه ينبغي أن يكون شأن المرأة مع ضرتها ، على أساس من التعامل الحسن ، فهي أخت لها في الإسلام على أي حال وفي أي منطق وحسْب أي اعتبار ، وتجمع بينهما مصلحة مشتركة ، ولكن لا يستغرب في الوقت ذاته أن تنتاب المرأة الغيرة على ضرتها ، فتسيء معاملتها ، أو يصدر منها تصرف لا ترتضيه الأخرى! وإذن فالاعتدال مطلوب ومنشود! تغار المرأة من ضُرتها ، تلك فطرة الله التي فطر النساء كل النساء عليها! ولكنها الغيرة المعقولة التي تراعي حدود الله تعالى وتحترم تشريعه وتقبل به! فلا ينبغي على أي من الضرتين أن تدفعها الغيرة العمياء الرعناء لأن تحدث الضرر بأختها في الإسلام قبل أن تكون زوجة ثانية أو أولى! فلا ينبغي أن تكون الغيرة سبيلاً إلى الفرقة والتفكك والذل والشقاق! ألا إن الزوجة الثانية أخت لها ولزوجها في الله والإسلام!)
© 2024 - موقع الشعر