بـــــدايـــــةالـــــســـــقـــوط - عبدالناصر عليوي العبيدي

إذا الفجرُ الجميلُ بدا يلوحُ
يُصَحِّي للورى ديكٌ فصيحُ

لهُ عُرفٌ جميلٌ قرمزيٌ
وزيَّنَ ذَيلَهُ ريشٌ مليحُ

بِهِ بَاهَى دَجَاجَ الْحَيِّ فَخْرًا
وَقَدْ أَغوَاهُ بِالصَّلَفِ الْمَدِيحُ

لَهُ جَارٌ يُعَرْبِدُ كُلَّ لَيْلٍ
لقَدْ مَلَّتْ مَثَالِبَهُ السُّطُوحُ

طَوَالُ اللَّيْلِ يَسْعَى لِلْمَعَاصِي
وَعِنْدَ الْفَجْرِ يَرْقُدُ يَسْتَرِيحُ

وَقَدْ كانتْ دُيوكُ الْحَيِّ تَصْحُو
تُؤَذِّنُ فِي الْوَرَى جَذَلًا تَصِيحُ

فَأَغْضَبَ صوتُها الْعِرْبِيدَ حَالًا
فرَاحَ يَثُورُ مِنْ فَمَهِ الْفَحِيحُ

وهَدَّدَهُمْ أَلَا صَمْتَا مُبِيناً
لقَدْ أَضْنَانِيَ الصَّوْتُ الْقَبِيحُ

وَإِلَّا أَنْتِفُ الأرْياشَ نَتْفًا
وَلِلْخُمِّ الْحَقِيرِ سَأَسْتَبِيحُ

فقَالَ لهُ من الأحرارِ ديكٌ
ألا اُصْلُبْني كَمَا صُلِبَ الْمَسِيحُ

فَلَنْ أَرْضَى بِذُلٍّ مِنْ جَبَانٍ
وَلَوْ مَزَّقْتَنِي وَدَمِي يَسِيحُ

وَدِيكٌ قَالَ إِنَّ الصَّمْتَ خَيِّرٌ
ديُوكُ الْحَيِّ مازالت تَبُوحُ

فَعَادَ وَقَالَ أَسْمَعْنِي نَقِيقًا
وَإِلَّا رَأْسُكَ الْفَاضِي يطِيحُ

فَقَالَ أَنِقُّ مِثْلَ بَنَاتِ جِنْسِي
ضَرُورَاتُ الْأمَانِ لَنَا تُبِيحُ

فَعَادَ وَقَالَ كَمْ أَحْتَاجُ بَيضاً
وَلَنْ أَرْضَى بِغَيْرِهِ لَوْ تَنُوحُ

عَلَيْكَ بِأَنْ تَبيضَ بِكُلِّ يَوْمٍ
وَإِلَّا سَوْفَ يَشْوِيكَ الصَّفِيحُ

قَرَارِي نَافِذٌ إِبْدأْ سريعاً
وَلَنْ يَأْتِيكَ مِنْ عِنْدِي صُفُوحُ

بَكَى الدِّيكُ الْمُهَادِنُ دُونَ جَدْوَى
وَمَاذَا يَفْعَلُ الْقَلْبُ الْجَرِيحُ

سِوَى نَدَمٍ عَلَى مافاتَ يَوْمًا
وَلَمْ يَسْمَعْ لِمَا قَالَ النَّصِيحُ

كَمَا اِخْتَارَ الزَّمِيلُ الْحُرُّ فَوْرًا
وَمَا عَادَ الزَّمَانُ لَهُ يُتِيحُ

وكَانَ خِيَارُهُ حُرّاً قوياً
بِهِ قَدْ قامَ صَاحِبُهُ الذَّبيحُ

فَآثَرَ أَنْ يَمُوتَ بِغَيْرِ ذُلٍّ
وَلَمْ يَخْذُلْهُ فِي يَوْمٍ طُمُوحُ

فَصَارَ كَقِصَّةٍ تُرْوَى كَثِيرًا
وَأَصْبَحَ رِيشُهُ تَذْرُوهُ ريحُ

هِي الدُّنْيَا يَعِيشُ الْمَرْءُ فِيهَا
يُقَوِّمُهُ بِهَا جَسَدٌ وَرَوْحٌ

إِنِ اِنْفَصَلَا فَلَيْسَ هُنَاكَ عَيْشٌ
وَلَكِنْ جُثَّةً تَأْتِي تَرُوحُ

فَعشْ دَوْمًا كَمَا الأَبْطَالُ حُرًّا
كَمَا اَلرَّيْحَانُ من طِيبٍ يَفُوحُ

---------------------------
عبدالناصر عليوي العبيدي

© 2024 - موقع الشعر