عَــيْــنَـانِ خَــضْــراوانِ كَــالْأَلْـمَـاسِ - عبدالناصر عليوي العبيدي

عَيْنَانِ خَضْراوانِ كَالْأَلْمَاسِ
ببريقها تسبي قلوبَ الناسِ

كالكوَّتينِ على مشارفِ جَنَّةٍ
حَضَناهُمَا زوجٌ من الأقواسِ

وَكَأَنَّهَا فِي الْحُسْنِ توءَمُ فَرْقَدٍ
لَاحَتْ عَلَى الْأَكْوَانِ فِي الأَغْلَاسِ

أَو ظَبْيَةٌ عِنْدَ الصَّبَاحِ تَخَبَّأَتْ
مِنْ أَعَيْنِ الْحُسَّادِ تَحْتَ كِنَاسِ

أَخْفَى الْحِجَابُ طَلَاَوَةً وَنَضَارَةً
فَبَدَتْ مُشَعْشِعَةً كزَهرِ الْآسِ

كمَليكَةٍ إِذْمَا تَحَرَّكَ رِمْشُهَا
يَهْتَزُّ آلآفٌ مِنَ الْحُرَّاسِ

لَمَّا رَنَتْ بِلِحَاظِهَا وَتَبَسَّمَتْ
ماظلَّ عَقْلٌ رَاسِخٌ فِي الرَّاسِ

أَصَبَحْتُ كَالْْبَهْلُولِ أَمْشِي تَائِهًا
وَنَسِيتُ بَعْدَ غَرَامِهَا جُلَّاسِي

وَكَأَنَّهَا مِنْ حُسْنِهَا فِي لَحْظَةٍ
صَبَّتْ خُمُورَ الأَنْدَرِينَ بِكَاسِ

فَرَضَخْتُ طَوْعًَا حَيْثُ ذُبْتُ صَبَابَةً
وَأَنَا الَّذِي قَدْ كُنْتُ كَالْْعَبَّاسِ

وَرَفَعْتُ رَايَاتي لها مُسْتَسْلِمًا
وَفَقَدْتُ كُلَّ شَجَاعَتِي وَحَمَاسِي

كَيْفَ النَّجَاةُ أَأَتَّقِي سِحْرَ اللمَى
أَمْ نَغْمَةَ الْإيقَاعِ فِي الوَسْوَاسِ

أَدْمَنْتُ خَمْرَتَهَا وَدَيْدَنَ دَلَّهَا
وَسَبَقْتُ مَرْجِعَها أبا نَوَّاسِي

لم يقتربْ كأسُ المُدامةِ من فمي
دَارَتْ بِيَ الْأَفْكَارُ كَالْْخَنَّاسِ

أَهْذِي كَمَا يَهْذِي الْكِلَاَمَ مُهَلْوِسٌ
عَانَى مِنَ الْإِرْهَاقِ وَ الْوَسْوَاسِ

وَتَحَشْرَجَتْ رُوحِي ومَابيَ عِلَّةٌ
لَكِنْ هَوَاهَا بَاتَ فِي أَنْفَاسِي

قَالُوا انْسَها واسْمَعْ كلامَ مُجَرِّبٍ
حَتَّامَ تَبْقَى فِي الغَرَامِ تُقَاسِي

فَأَجَبْتُهُمْ إنْي غَدَوتُ مُتَيَّمًا
وَتَكَبَّلَتْ كَفَّايَ بِالْأَمْرَاسِ

هَلّا سَأَلْتُم غَيْرَ هَذَا مَطْلَبًا
لَا أَسْتَطِيعُ وماأظنُّ بِنَاسِي

إنْي عَرَفْتُ مِنَ النِّسَاءِ جَلائِلاً
هِي وَحْدُهَا مَنْ أَلْهَبَتْ إِحْسَاسِي

إِنَّ الْمَشَاعِرَ لِاِتُبَاعُ وَتُشْتَرَى
هِي لِلْمَحَبَّةِ دَائِمًا كَأَسَاسِ

سُفُنِي مُحَطَّمَةٌ بِشَطِّ جَزِيرَةٍ
قَدْ مَرَّ أَعْوَامٌ وَهُنَّ رواسي

وَطُيُورُ أحْلَاَمِي بِلَيْلٍ هَاجَرَتْ
وَالْأُمْنِيَاتُ تَبَدَّدَتْ مِنْ يَاسِ

ماضرَّ إِنْ مَرَّتْ بِأَرْضِي نَسْمَةٌ
أَوْ أَنَّ أَمْطَارًا أَتَتْ بيباسي

فاخْضَرَّتِ الآفَاقُ بَعْدَ تَصَحُِّرٍ
وَتَفَتَّحَتْ بِالحبِّ كُلَّ غِرَاسِي

مَرَّتْ كَمَا مَرَّ الرَّبِيعُ بِقَاحِلٍ
وَغَدَتْ لِبَعْضِ مُواجِعي كَالآسِي

© 2024 - موقع الشعر