دموع الأصيل - أحمد علي سليمان

تعجلتُ يوماً ثمار الرحيلْ
فغازلتها بالقريض البليلْ

وودعتُ داري وما حولها
وتاهت على الدرب شمسُ الدليل

وخلفتُ أهلي بلا عائل
بلا وطن عشت كابن السبيل

وعاتبتُ نفياً طوى غربتي
ونجعاً كذاك طواه الأفول

ألا إنني في جحيم الجوى
فيا أيها النفي: لا تستطيل

تراني هنا في عذاب النوى
وما من صديق ، وما من خليل

وطالت ليالي اغترابي كذا
وخمشني الانتحاب الوبيل

فحتى متى غربة وانزوا؟
أجبني بصدق أيا ذا الأصيل

ورد الأصيل: تصبرْ إذن
وأجملْ ، وأحسن ، ورد الجميل

كلامك هذا يزيد الشقا
ودمعك هذا يسلي العذول

وإن انفعالك أودى بنا
وأزهق روحك هذا العويل

هو الحزنُ يعصف بالمشتكي
ويمسى سعيداً يدق الطبول

وإن الدموع لها ثورة
تبث الجوى بالفؤاد الكحيل

عذاب الفؤاد له منتهى
ونصر المليك قريبٌ جميل

فصبّر فؤادك ، كن جلمداً
ترى المعضلاتِ كمثل الطلول

وتصبحُ بالعز ياقوتة
تذل ، ولكن لرب جليل

وكم في التغرب من متعةٍ
وكم من جمال ومجدٍ أثيل

تصبّر على المُر تلق العَزا
وكن رجلاً في السراب الكليل

وإن الأصيل مضى وانقضى
وزهرة عصر الأسى في ذبول

فضمّخْ حياتك مِن عطرها
وسَلِّ الفؤاد ببوْح الرحيل

© 2024 - موقع الشعر