نقد أدبي لرواية و فيلم زقاق المدق - احمد عزيز الدين احمد

اسكربت رواية ( زقاق المدق)
نقد أدبي:
( ما بين الفيلم و الرواية)
اعداد / احمد عزيز الدين احمد
 
صدر الرواية:
،،،
 
يتطرق الكاتب في صدر الرواية الى الوصف الدقيق للشخصيات المختلفة و الثرية بالفروق الأجتماعية الكبيرة فيما بينها ليمكن القارئ من تكوين صورة عن الزقاق و البيئة الخصبة من خلال شخصيات الرواية.
ليعرض للقارئ وجبة دسمة عن الحارة المصرية و مفردات تكوينها فالزقاق هنا لا يعني به الكاتب مكان بين جنبات القاهرة التاريخية بحي الحسين حيث يقطن الكاتب و لكنه يعني بيه الوطن الاكبر مصر.
الرمزية هنا لم تأتي من فراغ لدي الكاتب فقد كان الاحتلال يطارد الكتاب و يتعقبهم لينكل بهم.
ليخفي بين جنباته جمال حميدة بطلة الرواية و مدي مطمع الكل بها لرونقها و شبابها مثلها في ذلك مثل مصر المحروسة و تكالب المستعمر عليها.
 
الفارق بين العمل السنيمائي متمثلا في الفيلم و بين الرواية.
،،،،،
لو أننا نظرنا إلي العملين معاً نظرة تفحصية لوجدنا أنه يوجد عدة فوارق بينهما:
،،،،
الفارق الأول:
من حيث توظيف دور البطلة في كلا من هما فقد ظهرة البطلة في العمل السينمائى ( الفيلم) بكونها شخصية طموحة تتطلع إلي حياة أفضل من حياة الزقاق و قد أغرتها مجريات الحياة خارج الحارة و فتنت بها لكنها ظهرت أيضاً علي رغم طموحها بشخصية ضعيفة تنساق وراء طموحها بلا وازع من دين أو ضمير مما أوقعها في براثم القواد و الذي كان يمثله المبدع يوسف شعبان كما أن دورها لم يأتي كما أراد القاص فقد أتي المخرج بشخصية محببة إلي القلوب سنمائياً و هذا لا يقلل علي الاطلاق من دور البطلة (شادية) فهي أدت الدور كما ينبغي .
و لكن ما إراده القاص أن تكون تلك الشخصية منبوذة فأقدة الحب الساكن للقلوب لدي المشاهد و رغبة الانتقام من البطلة كونها شخصية يجب نبذها من قبل المجتمع فلا ربما أخطأ المخرج في أختيار البطلة ليس للتقصير في الدور و لكن للحب الجارف في قلوب المشاهدين .
بينما جاء القاص في الرواية بشخصية (حميدة) شخصية قوية متسلطة لا يهما إلا طموحها و كسب المال من أي مصدر حتي و لو كان من مصدر تحرمه الأديان و يرفضه المجتمع مما جعلها تغري البطل (صلاح قابيل) للعمل في البرنس كشرط لزواج و الارتباط بها.
الفارق الثاني:
التضحية و هنا يتصارع الخير و الشر و نري أختلاف ملحوظ بين التضحية بالبطل الذى يقف بجانب الخير متمثل في ( صلاح قابيل) في العمل السنمائى علي يد الجنود الأنجليز بينما جاء العمل الادبي متمثل في الرواية مضحياً بقوة الشر متمثلة في شخصية ( حميدة) علي حسب الأعراف و التقاليد و الدين حتى و أن كان مخالف للواقع الفعلي.
الأختلاف الثالث:
لقد أظهر الكاتب الشخصيات التي كانت تقطن الزقاق علي أنهم شركاء حقيقين في البطولة للرواية و تقاسموا الادوار بينهم علي أختلاف الواقع الاجتماعي و الفروق الأجتماعية بينهم مما أضفي علي المكان شريك أساسي في العمل الادبي للرواية و هذا و أن اعطي للقارئ متعة في كم المعرفة التي كانت تتمتع بها للشخصيات في الرواية و تنوعها أجتماعياً إلا أنها ذهب القاص إلي أفاق بعيدة عن المعهود في فن الرواية و هو البطل المتفرد و الوحيد و هذا ما أراده المبدع (نجيب محفوظ) في تغيير نمط الرواية العربية و أكسابها نوع أخر في سير الأحداث و جعلها أقرب إلي الواقعية و الذي جائت علي نمطه الرواية بأن كل شخصى هو بطلاً في ذاته برغم الأختلاف.
 
علي عكس الفيلم الذي دارت أحداثة حول شخصية البطلة متمثلة في المبدعة ( شادية) و علي الرغم من حب الجمهور لها و عدم تصديق الجانب الشرير في شخصيتها إلا أنها أستطاعت أن توصل الي المشاهد الدور المراد منها بحرفية كبيرة .
 
كما جائت النهاية مختلفة تماماً عن مراد المبدع ( نجيب محفوظ) ففي الرواية انتصر الخير علي الشر و ماتت حميدة المتسلطة بطموحها و شرورها بينما جاء الفيلم بنهاية مغايرة تماما فقد مات البطل (صلاح قابيل) و الذي يمثل جانب الخير في العمل السنمائى و أن كان علي غير الحقيقة إلا أنه خلق صورة عكسية أرجعت الفيلم إلي مسارة الطبيعي بكراهية قوي الشر متمثلة في ( حميدة) و التي كانت السبب في كل هذه الاحداث المثيرة .
 
كما أن السينارست أبدع في صياغة الحوار و أعطي للعمل رونق و جمال مع المخرج المبدع حسن الأمام رغم الفروق الواضحة بين الرواية و الفيلم.
 
وتبقي الأسئلة:
،،
هل كان يقصد نجيب محفوظ الوطن الاكبر مصر في شخصية ( حميدة)؟ و التي كانت متطلعة إلي الحرية من الأحتلال القابل علي براثم الوطن؟ متمثلا ذلك في حياة الزقاق لتبحث حميدة خارجه عن حياة أفضل بعيد عن المتحكمين فيها و تسلطهم عليها داخل الزقاق!!.
ربما كان ذلك المعني القابع بين السطور في المعني الخفي للرواية!!
لتقوم الثورة بعد ذلك لتحرر مصر من العدو الجاثم علي صدر الوطن لتتحرر البلاد من الفساد و الاستعمار .
و هكذا تمضي الحياة كالنهر المتغيير لتأتي بالجديد كل صباح.
أرق تحياتي
 
أعداد /احمد عزيز الدين احمد
© 2024 - موقع الشعر