كوني غيوثا - ابراهيم العليي

كُونِي غُيُوثاً
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
كَلِفٌ وَصَوْتُ الحُبِّ فِيهِ تَنَغُّمُ
صَبٌ وَ مَنْ ذَاقَ الصَّبَابَةَ يَعَلَمُ
 
سَئِمٌ أَذَابَ الخُطْوَ فِي تِرْحَالِهِ
وَعَلَى الرَّحِيلِ المُرِّ مَنْ لا يَسْأَمُ
 
ثَمِلٌ وَ خَمْرُ عُيُونِهَا يَغْتَالُهُ
وَالكَأْسُ فَاضَ و لِلرَّحِيقِ تَزَمْزُمُ
 
مَا كُنْتُ لِلنُّجْلِ العُيُونِ مُسَامِراً
حَتَّى أَتَتْ فَإِذَا الحُصُونُ تُسَلَّمُ
 
يَالِلْعُيُونِ إِذِ اسْتَبَاحَتْ مُهْجَتِي
فَلَهَا عَلَى سَاحِ الحُرُوبِ تَقَدُّمُ
 
رَاشَتْ سِهَامَ الفَتْكِ مِنْ نَظَرَاتِهَا
فَإِذَا الهَيُوُمُ عَلَى الصَبَابَةِ أَهْيَمُ
 
هَرِمَتْ عَلَى الوُدِّ المَرُومِ شُجُونُهُ
وَالعَهْدُ أَوْفَى لِلزِّمَامِ وَ أَلْزَمُ
 
هِيَ وَاحَةً سَحَرَتْ فُؤَاداً هَائِماً
وَالسِّحْرُ مِلْءَ غُصُونِهَا يَتَبَرْعَمُ
 
فَرَسَمْتُ مِنْ حُسْنِ المَفَاتِنِ جَنَّةً
طَابَتْ مَغَانِيهَا وَ طَابَ المَرْسَمُ
 
وَ قَرَأْتُ أَوْرَادَ الغَرَامِ بِنَشْوَةٍ
رَقَتْ وَأَغْرَتْ حَيْثُ طَافَ تَنَعُّمُ
 
وَالشَّدْوُ يَحْلُوُ فِي مَغَانِي حُسْنِهَا
وَالنَّايُ فِي عَزْفِ الحَنِينِ تَرَنُّمُ
 
رِيمٌ تَصِيدُ الأُسْدَ فِي آكَامِهَا
فَإِذَا الهِزَبْرُ لِصَيْدِهِا مُسْتَسْلِمُ
 
مَاكُنْتُ لِلشَّكْوَى أُبِيحُ دَفَاتِرِي
لَكِنَّهُ فَيْضُ الأَسَى يَتَتَرْجَمُ
 
كَمْ بِتُّ أَكْتُمُ بِالحَنِينِ مَشَاعِراً
وَالصَّمْتُ أَوْلَى ، أَنْ يَحِلَّ تَنَدُّمُ
 
دَافَعْتُ سَهْماً ، أَنْ يُصِيبَ حُشَاشَتِي
لَكِنَّهُ رَغْمَ الجَوَى يَتَقَّدَّمُ
 
سَامَرْتُ لَيْلِي وَالنُّجُومُ تَسَابَقَتْ
رَهْنَ السُّهَادَ عَلَى البِعَادِ فَتُلْهِمُ
 
فَعَجِبْتُ لِلْمَجْرُوحِ يُرْضِي جَارِحاً
وَ النَّزْفُ عَزْفٌ بِالتَّغَنِّي مُغْرَمُ
 
رَقَتْ طُيُورِي إِذْ تَنَاغَمَ شَدْوُهَا
لِلْمُسْتَهَامِ وَ نَوْحُهَا يَتَكَلَّمُ
 
كُونِي غُيُوثاً فِي هَشِيمِ قَوَاحِلِي
فَالغُصْنُ جَفَّ وَ بِاليَبَابِ تَهَشَّمُ
 
صُبِّي كُؤُوساً مِنْ ثُمَالاتِ الهَوَى
فَلَعَلَّ رِيّاً لِلظَّمِي يَتَرَحَّمُ
 
ضَاعَتْ مُنَاجَاتِي بِلَيْلِ مَتَاهَتِي
فَالْقُرْبُ بُعْدٌ ، وَالوِصَالُ تَصَرُّمُ
 
يَا أَيُّهَا القَلْبُ العَمِيدُ أَلا اسْتَفِقْ
قَبْلَ المَلامِ فَلا يَطُولُ تَنَدُّمُ
 
حَارَ السُّؤَالُ وَبَاتَ وَخْزاً مُؤْلِماً
وَ بِلَفْحِهِ يَكْوِي الفُؤَادَ تَضَرُّمُ
 
يَكْفِيكَ مِنْ وَمْضِ السَّرَابِ خِدَاعُهُ
لَمْ يَشْفِ ظَمْآَنَ الفُؤَادِ وَ يُكْرِمُ
© 2024 - موقع الشعر