سنان - كمال كلوف الجزائري

سنان
ظهر سنان في آخر الزمان،
وقال أنا القائد ليس مني اثنان،
أنا الزعيم بالحجة والبرهان،
أحلل وأحرم بإتقان،
 
وأحكم بين الناس بالعدل والبيان،
لا تحدثوني عن الكفر ولا الايمان،
ومالي وما للسنة والقرآن،
 
عدلي بازغ كالشمس للعيان،
موسوم بحكمة وبالميزان،
فللذكر نصف حق الأنثيان،
 
وفي بلادي تسوق الرجال النسوان،
وهن عندي الياقوت والمرجان،
ولا نقطع في أمر حتى تفتي فيه الوزيرتان،
 
ولا بأس عندي إذا تزوجت المرأة برجل أو باثنان،
ولا يهم إن كان مسلما أو غير ذلك فالمهم أنه إنسان.
وفي مجالسي هن الحور الأفنان،
وهن الورد والأقحوان،
وهن العسل والرمان،
معسول بطرب وردة أو أسمهان
 
أنا عالي المقام وأنا السلطان،
وأنا القائد الهمام وأنا الربان،
بيميني السيف وبشمالي الصولجان،
وأنا لا أخشى كائنا من كان،
وأنا الذي يشار إليّ بالبنان،
أنا الذي لم تلد النساء ولا الأمم منه رجلان،
وعلمي لم يعطاه من قبل إنس ولا جان
 
في دولتي لا مرجعية إلا مرجعية الواقع والزمان،
وليس فيها للدين سطوة ولا مكان.
في بلادي الأمن والأمان،
ومن حولي الفوضى والنيران.
 
بلادي خضرة فيها الأنهر والوديان،
والزرع والنخل والزعفران،
والعمل متوفر للكبار وللصبيان،
وفيها الألاء والخيرات الحسان.
 
لا تذكروني بالموت ولا بالجنة أو النيران،
فأنا رجل شجاع لست جبان،
وفي حكمي أنا بصير فنان،
واسألوا عني إن شئتم الأقران
 
من أطاعني فله الروح والريحان،
ومن عصاني فله الذلة والهوان،
ويكب على وجهه بعد ذلك حقير خسران،
وكلامي لا أعيده مرتان،
فاسمعوا واعوا بالعقول والأذهان،
واطلبوا مني الصفح والغفران
ودعوني أستمتع بالقصر والجنان
 
دعوا شعبي يعيش في الحنان،
لا تحدثوه عن العمل والعصيان
وحدثوه عن الحب والأحضان،
فالحياة جميلة وقصيرة في هذا الزمان،
 
دعوه يحلق بفكره سرحان،
حر كالطائر لا يحده زمان ولا مكان،
دعوه يرتمي في الهوى كالعاشق الولهان.
 
اتركوا شعبي أليفا كالخرفان،
يزقزق ويغرد كالصيصان،
ويستمتع بالبحر كالحيتان،
ويفر من سلطاني وجبروتي كالفئران.
 
ويا حبذا بقليل من المخدر والادمان،
فهي للهم راحة ونسيان،
ومزيلة للاكتئاب ومن هو حيران،
حتى يصبح شعبي مسرور وفرحان.
 
لا تقولوا لي اقضي على الفقر فهذا بهتان
الفقراء خلقهم الله العزيز المنان
وهو بهم رؤوف حنان،
 
وهم المقربون وأحبائه في الجنان،
وفقرهم مكتوب في سالف الأزمان،
رفعت الأقلام وجفت الصحف وختم البيان،
 
الفقير فقير ولو أعطي كنوز كسرى والرومان،
أو أوتي مال قارون او ملك سليمان،
يصرفها ويضيعها ويعود كما كان من قبل جوعان.
 
فإذا أصبح الفقراء كلهم أغنياء لا فرق بين سنان وعلان،
فمن يحرث الأرض ومن يسوق الحمير والثيران،
ومن ينظف الشوارع ومن يشيد البنيان،
هذا والله للبشرية نكران،
وهي جريمة في حق الإنسانية وبهتان.
 
أنا منارة للعاقل والحيران،
وكلامي أسمعه الصم والطرشان،
ويغترف من سياستي العالم والظمآن.
 
آتاه شيخ أشعث أغبر جاحظ العينان،
محدودب الظهر لا كاسيا ولا عريان،
يرى في وجهه أثر الزمان
كث اللحية كالشجرة ذات الأشجان،
 
يلبس قميصا أظلم من سواد الغربان،
عاري القدمين حفيان،
وبيده عصى معوجة كالثعبان، فقال:
 
أحمد الله الواحد الديان وعليه التكلان،
وبالله التوفيق وبه تحل عقدة اللسان،
والصلاة والسلام على ماحي الظلم والطغيان،
شمس الشموس ونور الأكوان،
 
النبي محمد العدنان،
الذي نال من ربه الصلوات والرضوان،
وعلى آله وصحبه الأخيار ذوي الاحسان،
الغر الميامين عليهم الرضا والنعمان.
 
وإني لك ناصح أمين وبالأمان
وأنت الرشيد الفهمان،
فأنصت وانظر بإمعان.
 
يا مولاي السلطان،
يا من أوتي حكمة لقمان،
ووهبه الله فصاحة في اللسان،
وزاده الله بسطة في العمر والأبدان،
 
ويا من أوتي أسرار الملكين هاروت وماروت الساحران،
وكرم وجود أبي بكر وعثمان،
ووهبه الله الملك والبيان،
يا زارع الأمن والاستقرار في الأوطان،
 
يا من المحبة والسلام أنت لها عنوان.
الله استخلف في أرضه الانسان، فعلمه البيان،
وفضله على كثير من خلقه وفضله على الجان،
وقضى أن احكم بالعدل وبالميزان.
 
أأصابك الصم في الأذنان،
أم لك عينان ينظران ولا يبصران،
فكنت كالذي كفر بأنعم الله فأصبح خسران،
وحمل معه الأوزار والخطايا بالأطنان،
 
اتقي الله قبل فوات الآوان،
واعلم أنك ميت أكيد بالضمان،
وستسأل عما خفي وما بان،
ولا ينفعك جاه ولا سلطان،
 
وستأتي وحيدا دون حرس أو فرسان،
أفطال عليك الأمد فكأنك تنتظر أن تلد البغلة حصان،
هذا والله من العقل نقصان.
 
لا تكن مني غضبان،
وإن أخطأت فاقطع مني هذا اللسان،
فأنا إنسان ولست حيوان،
حتى وإن حققت لنا الغذاء والأمان،
فنحن نعبد الله الرحيم الرحمان،
ونتبع ما أنزل على النبي من الحكمة والفرقان،
 
وديننا نعض عليه بالنواجذ والأسنان،
ولن نقبل بغير الإسلام خير الأديان،
وبشرائعه كما جاءت دون زيادة أو نقصان،
 
وأن يحفظ الله وطننا من الزنادقة وعباد الأوثان،
حتى لا يرسل علينا صاعقة من السماء بحمم كالبركان،
تأخذ الأخضر واليابس وكل شيء عندها سيان.
 
يوم يعرض أمام شديد العقاب وهو عليه غضبان،
يومها يتمنى لو كان ترابا أو لو ما كان
 
فهنيئا وطوبى لمن لشرع الله حافظ وصان
وخسئ من استعلى عليه واستهان،
والويل ثم الحطمة لمن انتهك حرمات الله وخان،
 
وشقي في الأولى والأخرة ولو كان أمير أو سلطان،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي الرحمان،
الرؤوف بعباده صاحب العفو والغفران.
© 2024 - موقع الشعر