الخريف لم يظهر بعد

لـ بتول عبدالكريم دندشي، ، في المجالس والقهوه، آخر تحديث

الخريف لم يظهر بعد - بتول عبدالكريم دندشي

تقذفُ الأشجار أوراقها على الأرصفة العقيمة
وكأنها تمنحها الأطفال
الخريف لم يظهر بعد
والغيوم كاذبة
تلتحمُ في السّماء كالأجساد
لكن لا أطفال هنا
الحياة على كرسيّها الخشبي تهتزّ
تتأرجح إلى الأمام .. إلى الخلف
لا تحيكُ لنا الكنزات الصوفية
قالت لي المصيبة يومًا: الحياة جدّة شرّيرة
لا تروي القصص بل تكتبُ بجلدك حكاية لا تشبهك ربما
لا تخيط ثوبًا لمولود جديد بل تجهّز له الكفن
لا تضعُ نظارة بل تقتلع أعينَ المحبين وتتركهم في الظلمات يعمهون.
تقذفُ الأشجار أوراقها الصفراء على الأرصفة
لا أحدَ يحبّك عندما تصبحُ أصفرَ الجلد
لا أحد سيلتقط خوفكَ من السقوط
الحياة على كرسيها الخشبي قربَ الرّماد
منذُ بداية تلوّن الأجساد
تأكلكَ في صحنٍ أبيض بأصابع لا ظفرَ لها
تركّبكَ كيفما شاءت في المَشهد
تتأرجح إلى الأمام .. إلى الخلف ..
حتى تكتشفَ أنكَ الكُرسي ..
لا أطفالَ هنا ..
ما فائدةُ الحياة هذه إن كانت لا تَلد؟
هي تعلّق الضحكات على الجدران كرأس حيوان الرنّه
تسلخُ قصص الحُب وأساطير الأمل تضعها على الأرضية
سجّادة عاجيّة ..
الفقر في المطبخ يعدّ لها حساء المَساء
وهي تمسكُ خيط الفجر الأبيض في قبضتها
قال لي الحُب يومًا: ابحثي عن الصّلاة
تحتَ سجادة الصلاة.
ابحثي عن ثياب الصلاة تحتَ جلدِك
قلتُ: أنا أخافُ المغرب .. يشبه الموت
قالَ لي الموت: كنتُ ألعب معكِ الغميضة مُذ وقعتِ على الرصيف.
ما زالت الأشجار تقذف أوراقها على الرّصيف ..
حتى اكتشفتُ أنني الورقة .. والكُرسي .. وسجادة الصلاة..
وأنني أنا هنا .. كلّ الأطفال هنا ..
يحاولون قضمَ يدِ الحياة.
© 2024 - موقع الشعر