هِجْرةُ الأحْزَان

لـ أشرف السيد الصباغ، ، في الرثاء، 390، آخر تحديث

هِجْرةُ الأحْزَان - أشرف السيد الصباغ

هَذِي مَآسِي هِجْرَةِ الأحْزَانِ
قَدْ صُغْتُهَا بِمَدَامِعِ الْوِجْدَانِ

أَبْكِي شَبَابًا صَارَعَتْهُ خُطُوبٌ
صَارُوا وَصِرْنَا بِالْهُمُومِ نُعَانِي

يَا وَيْحَنَا فَبِلادُنَا ضَاقَتْ بِنَا
عِشْنَا فَذُقْنَا مِنْ كُؤُوسِ طِعَانِ

جِيلٌ يُكَابِدُ فِي البِلادِ مَذَلَّةً
فَقْرًا وَقَهْرًا صَارَ كَالْقُطْعَاِنِ

وَتَزَحْزَحَتْ ظُلَمُ الْحَيَاةِ بِهِجَْرةٍ
مَا كُنْتُ أَدْرِي أَنَّهَا أَكْفَانِي

فَزَعٌ يُرَاوِدُ حُلْمَنَا لَكِنَّنَا
رَغْمَ الْمَخَاطِرِ فِي رُكَامِ أَمَانِي

بِسَفِينَةٍ ضَجَّتْ بِنَا كَبِلادِنَا
غَاصَتْ فَغُصْنَا فِي بُحُورِ هَوَانِ

أَجْسَادُنَا فَوْقَ الْمِيَاهِ كَأَنَّهَا
أَشْبَاحُ وَهْمٍ بَيْنَهَا جُثْمَانِي

وَالْقَبْرُ يَفْتَحُ لِلضَّحَايَا جَوْفَهُ
فَالْبَحُرُ أَغْرَقَنَا بِغَيْرِ حَنَانِ

وَبِلادُنَا لَمْ تَكْتَرِثْ لِحَيَاتِنَا
فَهَلاكُنَا وَبَقَاؤُنَا سِيَّانِ

يَا لَيْتَ شِعْرِي! وَالصُّرَاخُ مُمَزَّقٌ
وَالْقَلْبُ مُنْفَطِرٌ مِنَ الْخِذْلانِ

يَا لَيْتَ شِعْرِي! مَنْ أَسَاءَ بِفِعْلِهِ ؟
فِي عُرْفِهُمْ إِنِّي الْمُسِيءُ الْجَانِي

وَقَدِ اعْتَرَفْتُ بِكُلِّ سُوءٍ سُقْتُهُ
وَقَدِ اعْتَذَرْتُ لِمِعْوَلِ الْحِرْمَانِ

هَتَفَ الْكَذُوبُ بِخِسَّةٍ مُتَغَطْرِسًا
هَذِي نَتِيجَةُ هِجْرَةِ الأَوْطَانِ

بِسَفَاهَةٍ سَكَّ الْمَسَامِعَ كِبْرُهُ
هَذِي النُّفُوسُ رَخِيصَةُ الأثْمَانِ

لَوْ أَنْصَفُوا مَا أَسْرَفُوا فِي وَصْفِنَا
رِفْقًا بِنَا أَنْتُمْ يَدُ الْعُدْوَانِ

إِنَّ الْحَيَاةَ لِفَرْحِكُمْ وَلِتَرْحِنَا
وَالْمَوْتُ يَحْصُدُنَا بِكُلِّ أَوَانِ

لا تَبْرَحُ الأَحْلامُ تَزْهُو حَوْلَنَا
حَتَّى غَدَوْنَا فِي الرَّدَى الْمُتَوَانِي

وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى الْحَيَاةِ مِنَ الْبِلَى
فَلَسَوْفَ أَقْضِي هِجْرَتِي بِجَنَانِي

بَلَدِي كَبَحْرٍ وَالنِّهَايَةُ عَلْقَمٌ
فَكِلاهُمَا أَضْحَى سَبِيلَ هَوَانِي

لَوْ كُنْتَ مِثْلِي فِي الحَيَاةِ تُعَانِي
نَبِّئْ جُنَاتِي بِالَّذِي أَغْرَانِي

رثاء / أشرف السيد الصباغ
© 2024 - موقع الشعر