الميتافيزيقا كشرط إنساني من ديوان إكسير العشق - برادة البشير عبدالرحمان

استهلال خاص بقصيدة : الميتافيزيقا كشرط إنساني من ديوان إكسير العشق
********************************
كل " تحفة " لها فص ...البيضة تحفة الخلق ... بوثقة التخليق...في مبيض حوائي كما في بيض الأحياء ...البيضة تحفة وفيها جوهر الخلق حقل اللقاح ...وما البياض إلا غذاء الفص وزاد زمان التكون ...زمان التكوين …
وخاتَمُ العشق صاغته أنامل الإبداع لاحتواء "الفص" ...الخاتم تحفة بفصه لا بذاته … كماسة كزمردة...كذا كل كتاب له " فصه"...إنه " أم الكتاب " ...روحه ...زبدته...في الإبداع والجمال وعصير الوجدان ...و نطفة حدس …
من أجل ذلك أبدعت سلالة " العارفين " للحكمة فصوصا ...فالفتح بل الفتوحات الكاشفة لا تستوي دون احتضان ...دون " كنف "
وحضن الكشف هو " فصوص الحكم " ...تلك انعطافة (ابن عربي ) فلكل انعطافة طفرتها أم كتابها ...لا يكون الشاعر كالحكيم في مستوى لباس صِفَته ...ويستحق " نعته " دون اكتشاف " منعطفه " في الشعر في الحكمة ...وفي الحياة ،ولا يتم لكينونة ذلك الشرف دون عشق لفصِّ مَا ...أليست الفلسفة سوى محبة الحكمة .!؟ عشق لمنعطف " جديد " .!؟
فهل تعلمون السر اللغوي التَّاوِي خلف هذا التركيب ( philosophie ) .!؟
إن الحقيقة في اللغة لا تغيب ...لا تُمحى ولا تندثر ...مهما تراكم غبار النسيان...تبقى الحقيقة كالأسطورة براسب يدل على " الأصل " ...على الينبوع
هو ذا الأمر في مصطلح فلسفة ( فيليا - زوفيا ) ...إنها كالكثير من المفاهيم والألفاظ والأسماء والقيم ...وأسماء الآلهة والمعتقدات ...والمواقع...الإغريقية ذات أصول شرقية عريقة …
لنقم بالرحلة في عالم المقاربة اللسانية - الاثنولوجية بمساعدة "مشرط التضايف " :
إن المقاطع المُشَكِّلة ل ( الفيليا - زوفيا " هي :
1 ) فيليا : حيث الفاء تتضايق مع " الباء " والدال على ذلك في المقطع اللاتيني ( ph) يقابله في النطق في الإغريقية حرفا : فَايْ ( فاي
ф) و( pi
π ) تلك ( π )المساوية في الهندسة 3.14 ...في ضبط حقيقة " هالة " الدائرة كشكل " مُدَوَّر " ...حيث كل ما هو دائري ...كل ما يمت بصلة ل" المدار " فهو - كما اعتقد أرسطو طاليس - مقدس ...و كامل …
ومعلوم أن ( باي
π) أو ( فاي
ф ) لا علاقة لهما بمقطع ( ph)، فعناق p مع h له إحالات إتنولوجية باعتبار أن كل لفظ - في هذه المقاربة - أو مقطع أو فعل أو إسم ...يتضمن " شحنة " ثقافية - إتنولوجية : ف p هي " الباء " و h تضايف ( الهاء والحاء والألف والعين ) ومعلوم أن الإغريقية كاللاتينية لا تتوفر على حرف " العين " ، ف p(
الباء + H
عين + ليا ) في لفظة " فيليا " حيث التركيب يدل - بعد التحليل - على " بَعْلِيَا " أي " البَعْلُ " ومؤنثه " بَعْلِيتْ " الدالة على ألهة الحب والخصوبة ، لأنه في الشرق بالهلال الخصيب كما الأمر عند الفراعنة سواء اتصل الأمر ب" نانا " أو " دينا / تينا " أو إيزيس لا إخصاب دون حب وعشق ...فالفيليا هي الحب والعشق وهو اللفظ المقطعي الأول في تركيب مصطلح ( فيليا - صوفيا )
 
2 ) أما المقطع الثاني ( صوفيا ) فيقصد بها في اليونانية " الحكمة " وهي الأخرى من أصل شرقي حيث تتركب من مقطعين في ( المنظومة السومرية - الأكدية ) وهما :
أ ) (صو ) وتنطلق في اليونانية كما في السومرية " زو " وتدل على معان عدة بالإشتراك ومنها ما يهمنا في هذا السياق :
* الفم * اللسان * منطوق الفم ... الذي هو " الكلمة والحكمة والمعرفة ...ومن رواسبها وامتداداتها في اللغات ذات الأصول (الأكدية) نجد في أمازيغية الأطلس الصغير بالمغرب - بأحواز فاس - مصطلح " أَزَرِّيفْ " وتعني : العالم و العارف والفقيه عامة …وهو مركب من ( أو + زو + ري + ف )حيث ( او) للنسب أو الإضافة و( زو ) للمعرفة و ( ري) للنور و ( ف) للبيت أو الكنف أو الحضن ، والمعنى التركيبي يدل على ( صاحب بيت الحكمة أو المعرفة ) ....كذلك في اليونانية ف"صوفيا " ما هي سوى " زوفيا
زو+ف " اي بيت الحكمة وعند إضافة كلمة " فيليا " نحصل على المعنى " العميق " الدال على " محبة الحكمة " ...فالكل كما بين التحليل " اللساني - الإتنولوجي "ونظريتي في التضايف من أصل شرقي …
ومن الإحالات ذات الصلة بالموضوع نجد الإسم الشرقي الفينيقي القديم " عَزْرَا " و " عُزَيْرْ " وهما الأصل في إسم الإله الفرعوني " أوزيريس " وكل هاتيك الأسماء والصفات هي الأصل في اللفظة العربية " العزيز " وخليلته " العُزَّى" رفيقة " مناة الكبرى"
ف" عزرا " ما هو إلا ( را
نور + عز
أز) أي " نور الحكمة " ...ومنها اشتقت الكثير من الألفاظ والمعاني في العربية عن طريق الآرامية والسريانية ...مثل العزيز بمعنى المحبوب والقوي ...و معلوم أنه في الفلسفة اللغوية الشرقية لا "قوة" ولا " عشق " أو حب إلا ويرتبط بالحق والحقيقة والمعرفة والحكمة ...من أجل ذلك في الأول كانت " الكلمة " ...ومن المعاني المشرقية بالمشاركة نجد كلمة " آزر " كإسم - الاسم الافتراضي لأب إبراهيم - بمعنى " ساند وساعد ودعم …" وليس - في الشرق - كالمعرفة والحكمة أشرف أداة للمساعدة و الإرشاد...لذلك تماهت القوة و الحب في لفظة " العزيز " ...ومن المعاني - المعتقد أنها بالتضاد في العربية مع العلم أن التحليل الإتنولوجي يبين أصلها المشترك ليس إلا …- في العربية ذات الصلة نجد فعل " التَّعْزِيرْ " حيث نقول : عَزَّرَ فلان غيره بمعنى: النقد المفضي إلى " إفحام " الخصم أي إظهار جهله المخالف للعلم والحكمة المتضمنة في اللفظة الأصلية التي هي " عزرا " كما بينا أعلاه ، وعندما نأخذ بعين الاعتبار الحروف التي تتضايف مع ( ز) مثل السين ، والكاف، والذال، و الثاء نحصل على معان بالاشتراك لمعنى " التعزير" مثل : ( التعثير - التعكير - التعذير بمعنى التماس العذر لجهل من تم تعزيره - والتعثير بمعنى كشف عثرة من تم تعزيره / يمكن مراجعة دراستي للغة الطفل المغربي في ثلاثة أجزاء لمن يريد التوسع في الموضوع ) ...وما " الصلاة " كطقس مقدس سوى " تضرع " بلغة الحكمة وترتيل ب" قداسة " الكلمة الملازمة للحقيقة والحق السارية في الكون والكينونة والكيان...فالصلاة من أصل( سومري- أكدي ) وهي تعريب لكلمة " شولال " بمعنى التضرع برفع اليد إلى السماء…
حيث ( شو) تتضايق مع ( زو ) وتدل على معاني عدة ومنها : القوة واليد والخير وإضافة " النون " تصبح إسم علم( سونو) وصفةٌ للقمح ...إن اللغة المقطعية كالسومرية تعطي للفظة معينة من المعاني قد تصل إلى ستة عشر والفاصل في التمييز هو السياق و" عينُ المتكلم في تتبع القول " المفرز ل" ملكة الحدس في فهم سياق الكلام " ...في " شولال " وهي " زولال " ومنها اشتق الفراعنة إسم " زوليخة " في قصة ( يوسف
يوزرسيف ) بمعنى الفاتنة جمالا والتي بجمالها أمست معبودة ...فزوليخة تعني - بالاشتقاق المعبودة - في محراب : الجمال والخير والحق والحكمة …
ومن الإحالات ذات الصلة نجد في أمازيغية الأطلس المتوسط قرب " فاس " المغربية الكلمة الدالة على فعل الصلاة معبر عنها بلفظ " أزليخ " حيث تتجلى العلاقة العضوية رَسْما ولفظا ومعنى ...الأمر الذي يبين العلاقات الوثيقة بين الأمازيغية بأطيافها المختلفة بما في ذلك أمازيغية ( عُمَانْ )... باللغات الشرقية خاصة الفينيقية والآرامية والسريانية والكل في العلاقة ب " الأكدية " بلهجتيها : البابلية و الآشورية ...على خلاف ما يدعي المتعصبون من هذا الطرف أو ذاك ...من أجل ذلك أقول - باستمرار في مختلف أبحاثي - لا يستحق صفة إنسان وإنساني من يجهل " الدرس اللغوي " ...إن الدرس الأول للمقاربة "اللسانية - الإتنولوجية " مع منهج " التضايف " هو الطريق الملائم لتعميق التواصل الإنساني وتعزيز قيمة " التسامح المطلق " بين البشر …بهذا المعنى نؤكد أن الميتافيزيقا ك" نداء " في أفق أنساني مفتوح مثل الشعر ... ليست مجرد " فائض كلام " ...أو " عبارات ...غير ذات معنى " كما توهم أقطاب مدرسة " دائرة فيينا " أمثال :
فِيتْجِينْشْتَيْنْ وأدولف كارناب ...ومن قبلهم أوجيست كُونْتْ...
برادة البشير فاس في : 11/01/2019
© 2024 - موقع الشعر