السفيــنة - سعاد الكواري

لا أحدَ سيخرجُ هذهِ اللحظةَ
لا الفئرانُ البيضاءُ ، لا الدودُ الجائعُ
لا أحدَ سيخرجُ
وَحْدَها الريحُ ستسابقُ نفسَها
وَحْدَها الريحُ ستنسحبُ من هذا الفناءِ الكئيبِ
القططُ الأليفةُ ستلهو بكرةٍ من الصوفِ
جدتي سترمي الدلوَ في البئرِ
وستملأُ سنواتٍ عمياءَ
سقطت سهوا في البئرِ
جدتي الطيبةُ ستسقي أغنامَها
وستمسحُ بِكفِّها على رأسي
أبي سيخرجُ من قبرهِ
أبي الميتُ دوما
سيخرجُ الآن ليلقيَ نظرةً
على الثيابِ المعلقةِ على الأغصانِ
فربُّما نقصَ ثوبٌ أو زادَ ثوبٌ
أبي يعرفُ جيداً
كيفَ يربِطُنا بصخرتهِ
دون أن نعترضَ أو نتذمَّرَ
***
لا أتذكَّرُ ملامِحَ أبي
أتذكَّرُ فقط بصماتهِ الثقيلة على جِلْدي
أتذكَّرُ أيضا الجدرانَ
كُلَّ الجدرانِ التي علَّقَني عليها
وتركني معلقةً
أتذكَّرُ أيضا قهقهَتَه كُلَّما سكنت الريحُ
لا أحدَ سيخرجُ في هذهِ اللحظةِ
الفضاءُ أغلقَ أبوابهُ في وجهي وانسحبَ
أمي دسّتْ خنجرها في صدري
أمي نفضتْ ثوبَها
فتساقطتْ أفاعٍ سامةٌ على الأرضِ
***
هل هذا هو الحضْنُ ؟؟
مِنْ خَلْفِ المرايا أنظرُ
أمي كانت شاسعةً كالعدمِ
وأنا كنتُ أرضَعُ سُخْطَها
أمي كانت تُدثِّرني بوشاحِ الطاعةِ
وأنا كنتُ أمزّقُ شرنقتي بِكفِّي الصغيرةِ
أمزّقُ عتمةَ القِماطِ وأخرجُ
فامنحيني حنانكِ أيتها الريحُ
أيتها الأمُّ امنحيني حنانكِ
فربما أهنأُ بلحظةٍ
© 2024 - موقع الشعر