يا راكِبَ الغَيّ، غيرَ مُرْتَشِدِ - أبو العتاهية

يا راكِبَ الغَيّ، غيرَ مُرْتَشِدِ،
شتَّانَ بينَ الضَّلالِ والرشَدِ

حَسْبُكَ ما قَدْ أتَيْتَ مُعْتَمِداً،
فاستغفرِ اللهَ ثمَّ لاَ تعُدِ

يَا ذا الذي نقصُهُ زيادَتُهُ
إنْ كنتَ لم تَنتَقِصْ، فلَمْ تَزِدِ

مَا أسرعَ الليلَ والنَّهارَ بِسَا
عاتٍ قِصارٍ، تأتي عَلى الأمَدِ

عجبْتُ منْ آمِلٍ وَوَاعظُهُ
المَوْتُ فَلَمْ يتَّعِظْ ولَمْ يكَدِ

يجرِي البِلَى فِيهَا عَلَيْنَا بِمَا
كانَ جَرَى قَبْلَنَا عَلَى لُبَدِ

يا مَوْتُ يا مَوْتُ كمْ أخي ثقة ٍ
كلَّفْتنِي غمضَ عينهِ بيدِي

يا مَوْتُ يا موتُ قد أضفتَ إلَى
الفِلَّة ِ منْ ثروة ٍ ومنْ عُدَدِ

يا مَوْتُ يا موتُ صحبتْنَا بِكَ
الشَّمْسُ ومسَّتْ كوَاكِبُ الأسَدِ

يا مَوْتُ يا موتُ لاَ أرَاكَ منَ
خَلْقِ، جَميعاً، تُبقي على أحَدِ

ألحَمْدُ لله دائِماً أبَداً،
قَدْ يَصِفُ القَصْدَ غَيرُ مقتصدِ

منْ يستتِرْ بالهدَى يبَرَّ ومَنْ
يبغِ إلى اللهِ مَطْلَباً يَجِدِ

قُلْ للجَليدِ المَنيعِ لَستَ منَ ال
الدُّنيا بذِي منعة ٍ ولاَ جَلَدِ

يا صاحبَ المُدّة ِ القَصيرَة ِ لا
تغفُلْ عنِ المَوْتِ قَاطِعِ المُدَدِ

دَعْ عنكَ تقوِيمَ منْ تقَوِّمُهُ
وابدأ، فَقَوّمْ ما فيكَ منْ أوَدِ

قدْ ملأَ المَوْتٌ كُلَّ أرْضٍ وَمَا
يَنزِعُ مِنْ بَلْدَة ٍ إلى بَلَدِ

© 2024 - موقع الشعر